وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا (24) .
يقول تعالى مخبرا عن تَعَنُّت الكفار في كفرهم، وعنادهم في قولهم: ( لَوْلا أُنـزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ ) أي: بالرسالة كما نـزل على الأنبياء، كما أخبر عنهم تعالى في الآية الأخرى: قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [ الأنعام : 124] ، ويحتمل أن يكون مرادهم هاهنا: ( لَوْلا أُنـزلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ ) فنراهم عيانا، فيخبرونا أن محمدا رسول الله، كقولهم : أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا [ الإسراء : 92]. وقد تقدم تفسيرها في سورة "سبحان"؛ ولهذا قال : ( أَوْ نَرَى رَبَّنَا ) ولهذا قال الله تعالى: ( لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ) . وقد قال [الله] تعالى: وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ [ الأنعام : 111] .
وقوله: ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) أي: هم لا يرون الملائكة في يوم خير لهم، بل يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ لهم ، وذلك يَصْدُق على وقت الاحتضار حين تبشرهم الملائكة بالنار، وغضب الجبار، فتقول الملائكة للكافر عند خروج روحه: اخرجي أيتها النفس الخبيثة في الجسد الخبيث، اخرجي إلى سَموم وحَميم، وظلِّ من يحموم. فتأبى الخروج وتتفرق في البدن ، فيضربونه، كما قال الله تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ [ الأنفال : 50]. وقال: وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أي: بالضرب ، أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [ الأنعام : 93]؛ ولهذا قال في هذه الآية " < 6-102 > " الكريمة: ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ ) ، وهذا بخلاف حال المؤمنين في وقت احتضارهم، فإنهم يبشرون بالخيرات، وحصول المسرات. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [ فصلت : 30 -32] .
وفي الحديث الصحيح عن البراء بن عازب: أن الملائكة تقول لروح المؤمن: "اخرجي أيتها النفس الطيبة في الجسد الطيب، كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان". وقد تقدم الحديث في سورة "إبراهيم" عند قوله تعالى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [ إبراهيم : 27] .
وقال آخرون: بل المراد بقوله: ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ ) يعني: يوم القيامة. قاله مجاهد، والضحاك؛ وغيرهما.
ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم، فإن الملائكة في هذين اليومين يوم الممات ويوم المعاد تتجلى للمؤمنين وللكافرين، فتبشر المؤمنين بالرحمة والرضوان، وتخبر الكافرين بالخيبة والخسران، فلا بشرى يومئذ للمجرمين.
( وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) أي: وتقول الملائكة للكافرين حَرَام محرم عليكم الفلاح اليوم.
وأصل "الحجر" : المنع، ومنه يقال: حَجَر القاضي على فلان، إذا منعه التصرف إما لسفَه، أو فَلَس، أو صغر، أو نحو ذلك. ومنه سمي "الحجْر" عند البيت الحرام؛ لأنه يمنع الطُوَّاف أن يطوفوا فيه ، وإنما يطاف من ورائه. ومنه يقال للعقل "حجر" ؛ لأنه يمنع صاحبه عن تعاطي ما لا يليق.
والغرض أن الضمير في قوله: ( وَيَقُولُونَ ) عائد على الملائكة. هذا قول مجاهد، وعكرمة، والضحاك، والحسن، وقتادة، وعطية العوفي، وعطاء الخراساني، وخُصَيف، وغير واحد. واختاره ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو نعيم، حدثنا موسى -يعني ابن قيس -عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري: ( وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) قال: حراما مُحَرّما أن يُبَشَّر بما يبشر به المتقون.
وقد حكى ابن جرير، عن ابن جُرَيْج أنه قال: ذلك من كلام المشركين: ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ ) ، [أي: يتعوذون من الملائكة؛ وذلك أن العرب كانوا إذا نـزل بأحدهم نازلة أو شدة] يقولون: ( حِجْرًا مَحْجُورًا ) .
" < 6-103 > "
وهذا القول -وإن كان له مأخذ ووجه -ولكنه بالنسبة إلى السياق في الآية بعيد، لا سيما قد نص الجمهور على خلافه. ولكن قد روى ابنُ أبي نَجِيح، عن مجاهد؛ أنه قال في قوله: ( حِجْرًا مَحْجُورًا ) أي: عوذاً معاذاً. فيحتمل أنه أراد ما ذكره ابن جريج. ولكن في رواية ابن أبي حاتم، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد أنه قال: ( حِجْرًا مَحْجُورًا ) [أي] : عوذا معاذا، الملائكة تقُوله. فالله أعلم.
وقوله تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) ، وهذا يوم القيامة، حين يحاسب الله العباد على ما عملوه من خير وشر، فأخبر أنه لا يتحصل لهؤلاء المشركين من الأعمال -التي ظنوا أنها منجاة لهم -شيء؛ وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي، إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله. فكل عمل لا يكون خالصا وعلى الشريعة المرضية، فهو باطل. فأعمال الكفار لا تخلو من واحد من هذين، وقد تجمعهما معا، فتكون أبعد من القبول حينئذ؛ ولهذا قال تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) .
قال مجاهد، والثوري: ( وَقَدِمْنَا ) أي: عمدنا.
وقال السدي
قدمنا) : عَمَدنا. وبعضهم يقول: أتينا عليه.
وقوله: ( فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) قال سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، رضي الله عنه، في قوله: ( [ فَجَعَلْنَاهُ] هَبَاءً مَنْثُورًا ) ، قال: شعاع الشمس إذا دخل في الكوَّة. وكذا روي من غير هذا الوجه عن علي. ورُوي مثله عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جُبَير، والسُّدِّي، والضحاك، وغيرهم. وكذا قال الحسن البصري: هو الشعاع في كوة أحدهم ، ولو ذهب يقبض عليه لم يستطع.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( هَبَاءً مَنْثُورًا ) قال: هو الماء المهراق.
وقال أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي: ( هَبَاءً مَنْثُورًا ) قال: الهباء رَهْج الدواب . ورُوي مثله عن ابن عباس أيضا، والضحاك، وقاله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
وقال قتادة في قوله: ( هَبَاءً مَنْثُورًا ) قال: أما رأيت يَبِيس الشجر إذا ذرته الريح؟ فهو ذلك الورق.
وقال عبد الله بن وهب: أخبرني عاصم بن حكيم، عن أبي سريع الطائي، عن يعلى بن عبيد قال: وإن الهباء الرماد.
وحاصل هذه الأقوال التنبيهُ على مضمون الآية، وذلك أنهم عملوا أعمالا اعتقدوا أنها شيء، فلما عرضت على الملك الحكيم العدل الذي لا يجور ولا يظلم أحدا، إذا إنها لا شيء بالكلية. وشبهت في ذلك بالشيء التافه الحقير المتفرق، الذي لا يقدر منه صاحبه على شيء بالكلية، كما قال " < 6-104 > " الله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [ إبراهيم : 18] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا [ البقرة : 264] وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا [ النور : 39] وتقدم الكلام على تفسير ذلك، ولله الحمد والمنة.
وقوله: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) أي: يوم القيامة لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ [ الحشر : 20]؛ وذلك لأن أهل الجنة يصيرون إلى الدرجات العاليات، والغرفات الآمنات، فهم في مقام أمين، حسن المنظر، طيب المقام، خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [ الفرقان : 76] ، وأهل النار يصيرون إلى الدركات السافلات، والحسرات المتتابعات، وأنواع العذاب والعقوبات، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [ الفرقان : 66] أي: بئس المنـزل منظرا وبئس المقيل مقاما؛ ولهذا قال: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) أي: بما عملوه من الأعمال المتقبلة، نالوا ما نالوا، وصاروا إلى ما صاروا إليه ، بخلاف أهل النار فإنه ليس لهم عمل واحد يقتضي لهم دخول الجنة والنجاة من النار، فَنَبَّه -تعالى -بحال السعداء على حال الأشقياء، وأنه لا خير عندهم بالكلية، فقال: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
قال الضحاك: عن ابن عباس: إنما هي ضحوة، فيقيل أولياء الله على الأسرة مع الحور العين، ويَقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين.
وقال سعيد بن جبير: يفرغ الله من الحساب نصف النهار، فيقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، قال الله تعالى: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
وقال عكرمة: إني لأعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار: هي الساعة التي تكون في الدنيا عند ارتفاع الضحى الأكبر، إذا انقلب الناس إلى أهليهم للقيلولة، فينصرف أهل النار إلى النار، وأما أهل [الجنة فيُنطلق بهم إلى] الجنة، فكانت قيلولتهم [في الجنة] وأطعموا كبد حوت، فأشبعهم [ذلك] كلهم، وذلك قوله: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
وقال سفيان، عن مَيسَرة، عن المِنْهَال، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: لا ينتصف النهار حتى يقيل هؤلاء وهؤلاء ثم قرأ : ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) وقرأ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ [ الصافات : 68] .
" < 6-105 > "
وقال العَوْفي، عن ابن عباس في قوله: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) قال: قالوا في الغرف من الجنة، وكان حسابهم أن عُرضوا على ربهم عرضة واحدة، وذلك الحساب اليسير، وهو مثل قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا [ الانشقاق : 7-9] .
وقال قتادة في قوله: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) أي: مأوى ومنـزلا قال قتادة: وحَدّث صفوان بن مُحْرِز أنه قال: يجاء يوم القيامة برجلين، أحدهما كان ملكا في الدنيا إلى الحمرة والبياض فيحاسب، فإذا عبدٌ، لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار. والآخر كان صاحب كساء في الدنيا، فيحاسب فيقول: يا رب، ما أعطيتني من شيء فتحاسبني به. فيقول: صدق عبدي، فأرسلوه. فيؤمر به إلى الجنة، ثم يتركان ما شاء الله. ثم يدعى صاحب النار، فإذا هو مثل الحُمَمة السوداء، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: شر مَقيل. فيقال له: عد ثم يُدعَى بصاحب الجنة، فإذا هو مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: كيف وجدت؟ فيقول: رب، خير مَقيل. فيقال له: عد. رواها ابن أبي حاتم كلها.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث، أن سعيدًا الصوَّاف حدثه، أنه بلغه: أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله تعالى: ( أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا ) .
وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا (25) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا (29) .
يخبر تعالى عن هَول يوم القيامة، وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها وانفراجها بالغمام، وهو ظُلَل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونـزول ملائكة السموات يومئذ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر. ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء.
قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [ البقرة: 210] .
" < 6-106 > "
قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن الحارث، حدثنا مُؤَمِّل، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْرَان، عن ابن عباس، أنه قرأ هذه الآية: ( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنـزلَ الْمَلائِكَةُ تَنـزيلا ) قال ابن عباس: يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد، الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق، فتنشق السماء الدنيا، فينـزل أهلها -وهم أكثر من الجن والإنس ومن جميع الخلائق -فيحيطون بالجن والإنس وبجميع الخلق. ثم تنشق السماء الثانية فينـزل أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن والإنس ومن جميع الخلق [فيحيطون بالملائكة الذين نـزلوا قبلهم والجن والإنس وجميع الخلق ] ثم تنشق السماء الثالثة، فينـزل أهلها، وهم أكثر من أهل السماء الثانية والسماء الدنيا ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نـزلوا قبلهم، وبالجن والإنس وبجميع الخلق. ثم كذلك كل سماء، حتى تنشق السماء السابعة، فينـزل أهلها وهم أكثر ممن نـزل قبلهم من أهل السموات ومن الجن والإنس، ومن جميع الخلق، فيحيطون بالملائكة الذين نـزلوا قبلهم من أهل السموات، وبالجن والإنس وجميع الخلق، وينـزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام، وحوله الكروبيون، وهم أكثر من أهل السموات السبع ومن الإنس والجن وجميع الخلق، لهم قرون كأكعب القنا، وهم تحت العرش، لهم زَجَل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله عز وجل، ما بين أخمص قدم أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، وما بين كعبه إلى ركبته مسيرة خمسمائة عام، وما بين ركبته إلى حُجْزَته مسيرة خمسمائة عام، وما بين حُجْزَته إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام، وما بين ترقوته إلى موضع القُرط مسيرة خمسمائة عام. وما فوق ذلك مسيرة خمسمائة عام، وجهنم مجنبته هكذا رواه ابن أبي حاتم بهذا السياق.
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثني الحجاج، عن مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد بن جُدْعَان، عن يوسف بن مِهْرَان، أنه سمع ابن عباس يقول: إن هذه السماء إذا انشقت نـزل منها من الملائكة أكثر من الجن والإنس، وهو يوم التلاق، يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض، فيقول أهل الأرض: جاء ربنا؟ فيقولون: لم يجئ، وهو آت. ثم تنشق السماء الثانية، ثم سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف إلى السماء السابعة. فينـزل منها من الملائكة أكثر من [جميع من] نـزل من السموات ومن الجن والإنس. قال: فتنـزل الملائكة الكَرُوبيُون، ثم يأتي ربنا في حملة العرش الثمانية، بين كعب كل ملك وركبته مسيرة سبعين سنة، وبين فخذه ومنكبه مسيرة سبعين سنة. قال: وكل ملك منهم لم يتأمل وجه صاحبه، وكل ملك منهم واضع رأسه بين ثدييه يقول: سبحان الملك القدوس. وعلى رؤوسهم شيء مبسوط كأنه القَبَاء والعرش فوق ذلك.
" < 6-107 > "
ثم وقف، فمداره على عليِّ بن زيد بن جُدْعان، وفيه ضعف، وفي سياقاته غالبا نكارة شديدة. وقد ورد في حديث الصور المشهور قريب من هذا، والله أعلم.
وقد قال [الله] تعالى: فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة : 15 -17] قال شهر بن حَوْشَب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك. وأربعة يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك، رواه ابن جرير عنه.
وقال أبو بكر بن عبد الله: إذا نظر أهل الأرض إلى العرش يهبط عليهم من فوقهم، شخصت إليه أبصارهم، ورَجَفت كُلاهم في أجوافهم، وطارت قلوبهم من مَقَرّها من صدورهم إلى حناجرهم.
وقال ابن جرير: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا معتمر بن سليمان، عن عبد الجليل، عن أبي حازم، عن عبد الله بن عمرو قال: يهبط الله حين يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب، منها النور والظلمة، فيُصَوّت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع منه القلوب.
وهذا موقوف على عبد الله بن عمرو من كلامه، ولعله من الزاملتين، والله أعلم.
وقوله تعالى: ( الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ) ، كما قال تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: 16] وفي الصحيح: "إن الله يطوي السموات بيمينه، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى، ثم يقول: أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون"؟
وقوله: ( وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ) أي: شديدا صعبا؛ لأنه يوم عدل وقضاء فصل، كما قال تعالى: [فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ] * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [ المدثر : 8 -10]، فهذا حال الكافرين في هذا اليوم. وأما المؤمنون فكما قال تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [ الأنبياء : 103] .
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لَهيعة، حدثنا دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله: يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون " < 6-108 > " أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا" .
وقوله: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا ) : يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول وما جاء به من عند الله من الحق المبين، الذي لا مرْية فيه، وسلك طريقا أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة نَدمَ حيثُ لا ينفعه النَدَمُ، وعضّ على يديه حسرةً وأسفا.
وسواء كان سبب نـزولها في عقبة بن أبي مُعَيط أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم، كما قال تعالى: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا [ الأحزاب :66 -68] فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويَعَض على يديه قائلا ( يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا ) يعني: مَن صرفه عن الهدى، وعدل به إلى طريق الضلالة [من دعاة الضلالة] ، وسواء في ذلك أمية بن خلف، أو أخوه أبي بن خلف، أو غيرهما.
( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ ) [وهو القرآن] ( بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ) أي: بعد بلوغه إلي، قال الله تعالى: ( وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا ) أي: يخذله عن الحق، ويصرفه عنه، ويستعمله في الباطل، ويدعوه إليه.
وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)
يقول تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد -صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين -أنه قال: ( يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ) ، وذلك أن المشركين كانوا لا يُصغُون للقرآن ولا يسمعونه ، كما قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [ فصلت : 26] وكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه، وترك [علمه وحفظه أيضا من هجرانه، وترك] الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدولُ عنه إلى غيره -من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره -من هجرانه، فنسأل الله الكريمَ المنانَ القادرَ على ما يشاء، أن يخلّصنا مما يُسْخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطرافَ النهار، على الوجه الذي " < 6-109 > " يحبه ويرضاه، إنه كريم وهاب.
وقوله: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ ) أي: كما حصل لك -يا محمد -في قومك من الذين هجروا القرآن، كذلك كان في الأمم الماضين؛ لأن الله جعل لكل نبي عدوا من المجرمين، يدعون الناس إلى ضلالهم وكفرهم، كما قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ [ الأنعام : 112 -113] ؛ ولهذا قال هاهنا: ( وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) أي: لمن اتبع رسوله، وآمن بكتابه وصدقه واتبعه، فإن الله هاديه وناصره في الدنيا والآخرة. وإنما قال: ( هَادِيًا وَنَصِيرًا ) لأن المشركين كانوا يصدون الناس عن اتباع القرآن، لئلا يهتدي أحد به، ولتغلب طريقتهم طريقة القرآن؛ فلهذا قال: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) .
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا (32)
يقول تعالى مخبراً عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم، وكلامهم فيما لا يعنيهم، حيث قالوا: ( لَوْلا نـزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) أي: هلا أنـزل عليه هذا الكتاب الذي أوحي إليه جملة واحدة، كما نـزلت الكتب قبله، كالتوراة والإنجيل والزبور، وغيرها من الكتب الإلهية. فأجابهم الله عن ذلك بأنه إنما أنـزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث، وما يحتاج إليه من الأحكام لتثبيت قلوب المؤمنين به كما قال: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا [ الإسراء : 106] ؛ ولهذا قال: ( لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا ) . قال قتادة: وبيناه تبيينا. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: وفسرناه تفسيرا.