مملكة الياسر العظمة لعلوم الفلك والروحانيات Astronomy and Spirituality treat all kinds of magic
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مملكة الياسر العظمة لعلوم الفلك والروحانيات Astronomy and Spirituality treat all kinds of magic
مرحبا بك يازائر فى مملكة الياسر العظمة لعلوم الفلك والروحانيات والعلاج بالقران والاعشاب نقوم بادن الله بعلاج جميع انواع السحر السحر العلوى والسحر السفلى المحروق والمرشوش والمدفون والماكول والمشروب وسحر التخيل وسحر الجنون وسحر الهواتف والرقية الشرعية دكتورة فى علوم الفلك والروحانيات
للتواصل معنا والاستعلام على الايميل
Sakr11111@yahoo.com
موضوع: ترتيب الأوراد وتفصيل إحياء الليل الجمعة أبريل 13, 2012 2:44 am
كتاب ترتيب الأوراد وتفصيل إحياء الليل وهو الكتاب العاشر [من ربع العبادات] من إحياء علوم الدين وبه اختتام ربع العبادات نفع الله به المسلمين بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله على آلائه حمدا كثيرا ونذكره ذكرا لا يغادر في القلب استكبارا ولا نفورا ونشكره إذ جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ونصلي على نبيه الذي بعثه بالحق بشيرا ونذيرا وعلى آله الطاهرين وصحبة الأكرمين الذين اجتهدوا في عبادة الله غدوة وعشيا وبكرة وأصيلا حتى أصبح كل واحد منهم نجما في الدين هاديا وسراجا منيرا. أما بعد فإن الله تعالى جعل الأرض ذلولا لعباده إلا ليستقروا في مناكبها بل ليتخذوها منزلا فيتزودوا منها زادا يحملهم في سفرهم إلى أوطانهم ويكتنزون منها تحفا لنفوسهم عملا وفضلا محترزين من مصايدها ومعاطبها ويتحققون أن العمر يسير بهم سير السفينة براكبها فالناس في هذا العالم سفر وأول منازلهم المهد وآخرها اللحد والوطن هو الجنة أو النار والعمر مسافة السفر فسنوه مراحله وشهوره فراسخه وأيامه أمياله وأنفاسه خطواته وطاعته بضاعته وأوقاته رءوس أمواله وشهواته وأغراضه قطاع طريقه وربحه الفوز بلقاء الله تعالى في دار السلام مع الملكالكبير والنعيم المقيم وخسرانه البعد من الله تعالى مع الأنكال والأغلال والعذاب الأليم في دركات الجحيم فالغافل في نفس من أنفاسه حتى ينقضي في غير طاعة تقربه إلى الله زلفى متعرض في يوم التغابن لغبينة وحسرة ما لها منتهى ولهذا الخطر العظيم والخطب الهائل شمر الموفقون عن ساق الجد وودعوا بالكلية ملاذ النفس واغتنموا بقايا العمر ورتبوا بحسب تكرر الأوقات وظائف الأوراد حرصا على إحياء الليل والنهار في طلب القرب من الملك الجبار والسعي إلى دار القرار فصار من مهمات علم طريق الآخرة تفصيل القول في كيفية قسمة الأوراد وتوزيع العبادات التي سبق شرحها على مقادير الأوقات ويتضح هذا المهم بذكر بابين الباب الأول في فضيلة الأوراد وترتيبها في الليل والنهار الباب الثاني في كيفية إحياء الليل وفضيلته وما يتعلق به الباب الأول في فضيلة الأوراد وترتيبها وأحكامها فضيلة الأوراد وبيان أن المواظبة عليها هي الطريق إلى الله تعالى اعلم أن الناظرين بنور البصيرة علموا أنه لا نجاة إلا في لقاء الله تعالى وأنه لا سبيل إلى اللقاء إلا بأن يموت العبد محبا لله تعالى وعارفا بالله سبحانه وأن المحبة والأنس لا تحصل إلا من دوام ذكر المحبوب والمواظبة عليه وأن المعرفة به لا تحصل إلا بدوام الفكر فيه وفي صفاته وأفعاله وليس في الوجود سوى الله تعالى وأفعاله ولن يتيسر دوام الذكر والفكر إلا بوداع الدنيا وشهواتها والاجتزاء منها بقدر البلغة والضرورة وكل ذلك لا يتم إلا باستغراق أوقات الليل والنهار في وظائف الأذكار والأفكار والنفس لما جبلت عليه من السآمة والملال لا تصبر على فن واحد من الأسباب المعينة على الذكر والفكر بل إذا ردت إلى نمط واحد أظهرت الملال والاستثقال وأن الله تعالى لا يمل حتى تملوا فمن ضرورة اللطف بها أن تروح بالتنقل من فن إلى فن ومن نوع إلى نوع بحسب كل وقت لتغزر بالانتقال لذتها وتعظم باللذة رغبتها وتدوم بدوام الرغبة مواظبتها فلذلك تقسم الأوراد قسمة مختلفة فالذكر والفكر ينبغي أن يستغرقا جميع الأوقات أو أكثرها فإن النفس بطبعها مائلة إلى ملاذ الدنيا فإن صرف العبد شطر أوقاته إلى تدبيرات الدنيا وشهواتها المباحة مثلا والشطر الآخر إلى العبادات رجح جانب الميل إلى الدنيا لموافقتها الطبع إذ يكون الوقت متساويا فأنى يتقاومان والطبع لأحدهما مرجح إذ الظاهر والباطن يتساعدان على أمور الدنيا ويصفو في طلبها القلب ويتجرد وأما الرد إلى العبادات فمتكلف ولا يسلم إخلاص القلب فيه وحضوره إلا في بعض الأوقات فمن أراد أن يدخل الجنة بغير حساب فليستغرق أوقاته في الطاعة ومن أراد أن تترجح كفة حسناته وتثقل موازين خيراته فليستوعب في الطاعة أكثر أوقاته فإن خلط عملا صالحا وآخر سيئا فأمره مخطر ولكن الرجاء غير منقطع والعفو من كرم الله منتظر فعسى الله تعالى أن يغفر له بجوده وكرمه فهذا ما انكشف للناظرين بنور البصيرة فإن لم تكن من أهله فانظر إلى خطاب الله تعالى لرسوله واقتبسه بنور الإيمان فقد قال الله تعالى لأقرب عبادة إليه وارفعهم درجة لديه إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا وقال تعالى واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا وقال تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود وقال سبحانه وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم وقال تعالى إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا وقال تعالى ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى وقال عز وجل وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ثم انظر كيف وصف الفائزين من عباده وبماذا وصفهم فقال تعالى أمن هو قانتآناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وقال تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا وقال عز وجل والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وقال عز وجل كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وقال عز وجل فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال تعالى ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه فهذا كله يبين لك أن الطريق إلى تعالى مراقبة الأوقات وعمارتها بالأوراد على سبيل الدوام ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله تعالى كتاب الأوراد وفضل إحياء الليل الباب الأول في فضيلة الأوراد حديث أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والقمر والأهلة لذكر الله أخرجه الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد من حديث ابن أبي أوفى بلفظ خيار عباد الله وقد قال تعالى الشمس والقمر بحسبان وقال تعالى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وقال تعالى والقمر قدرناه منازل وقال تعالى وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر فلا تظنن أن المقصود من سير الشمس والقمر بحسبان منظوم مرتب ومن خلق الظل والنور والنجوم أن يستعان بها على أمور الدنيا بل لتعرف بها مقادير الأوقات فتشتغل فيها بالطاعات والتجارة للدار الآخرة يدلك عليه قوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا أي يخلف أحدهما الآخر ليتدارك في أحدهما ما فات في الآخر وبين أن ذلك للذكر والشكر لا غير وقال تعالى وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وإنما الفضل المبتغى هو الثواب والمغفرة ونسأل الله حسن التوفيق لما يرضيه بيان أعداد الأوراد وترتيبها اعلم أن أوراد النهار سبعة فما بين طلوع الصبح إلى طلوع قرص الشمس ورد وما بين طلوع الشمس إلى الزوال وردان وما بين الزوال إلى وقت العصر وردان وما بين العصر إلى المغرب وردان والليل ينقسم إلى أربعة أوراد وردان من المغرب إلى وقت نوم الناس ووردان من النصف الأخير من الليل إلى طلوع الفجر فلنذكر فضيلة كل ورد ووظيفته وما يتعلق به فالورد الأول ما بين طلوع الصبح إلى طلوع الشمس وهو وقت شريف ويدل على شرفه وفضله إقسام الله تعالى به إذ قال والصبح إذا تنفس وقدحه به إذ قال فالق الإصباح وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق وإظهاره القدرة بقبض الظل فيه إذ قال تعالى ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو وقت قبض ظل الليل ببسط نور الشمس وإرشاده الناس إلى التسبيح فيه بقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وبقوله تعالى فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وقوله عز وجل ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى وقوله تعالى واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا فأما ترتيبه فليأخذ من وقت انتباهه من النوم فإذا انتبه فينبغي أن يبتدىء بذكر الله تعالى فيقول الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور إلى آخر الأدعية والآيات التي ذكرناها في دعاء الاستيقاظ من كتاب الدعواتوليلبس ثوبه وهو في الدعاء وينوي به ستر عورته امتثالا لأمر الله تعالى واستعانة به على عبادته من غير قصد رياء ولا رعونة ثم يتوجه إلى بيت الماء إن كان به حاجة إلى بيت الماء ويدخل أولا رجله اليسرى ويدعو بالأدعية التي ذكرناها فيه في كتاب الطهارة عند الدخول والخروج ثم يستاك على السنة كما سبق ويتوضأ مراعيا لجميع السنن والأدعية التي ذكرناها في الطهارة فإنا إنما قدمنا آحاد العبادات لكي نذكر في هذا الكتاب وجه التركيب والترتيب فقط فإذا فرغ من الوضوء صلى ركعتي الفجر أعني السنة في منزله حديث صلاة ركعتي الصبح في المنزل متفق عليه من حديث حفصة كذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ بعد الركعتين سواء أداهما في البيت أو المسجد الدعاء الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما ويقول اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي إلا آخر الدعاء حديث الدعاء بعد ركعتي الصبح اللهم إني أسألك رحمة من عندك الحديث تقدم ثم يخرج من البيت متوجها إلى المسجد ولا ينسى دعاء الخروج إلى المسجد لا يسعى إلى الصلاة سعيا بل يمشي وعليه السكينة والوقار حديث المشي إلى الصلاة وعليه السكينة متفق عليه من حديث أبي هريرة كما ورد به الخبر ولا يشبك بين أصابعه ويدخل المسجد ويقدم رجله اليمنى ويدعو بالدعاء المأثور لدخول المسجد حديث الدعاء المأثور لدخول المسجد تقدم في الباب الخامس من الأذكار ثم يطلب من المسجد الصف الأول إن وجد متسعا ولا يتخطى رقاب الناس ولا يزاحم كما سبق ذكره في كتاب الجمعة ثم يصلي ركعتي الفجر إن لم يكن صلاهما في البيت ويشتغل بالدعاء المذكور بعدهما وإن كان قد صلى ركعتي الفجر صلى ركعتي التحية وجلس منتظرا للجماعة والأحب التغليس بالجماعة فقد كان صلى الله عليه وسلم يغلس بالصبح حديث التغليس في الصبح متفق عليه من حديث عائشة ولا ينبغي أن يدع الجماعة في الصلاة عامة وفي الصبح والعشاء خاصة فلهما زيادة فضل فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في صلاة الصبح من توضأ ثم توجه إلى المسجد ليصلي فيه الصلاة كان له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة والحسنة بعشر أمثالها فإذا صلى ثم انصراف عند طلوع الشمس كتب له بكل شعرة في جسده حسنة وانقلب بحجة مبرورة فإن جلس حتى يركع الضحى كتب له بكل ركعة ألفا ألف حسنة ومن صلى العتمة فله مثل ذلك وانقلب بعمرة مبرورة حديث أنس في صلاة الصبح من توضأ ثم توجه إلى المسجد يصلي فيه الصلاة كان له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة والحسنة بعشر أمثالها وإذا صلى ثم انصرف عند طلوع الشمس كتب له بكل شعرة في جسده حسنة وانقلب بحجة مبرورة فإن جلس حتى يركع كتب له بكل ركعة ألفا ألف حسنة ومن صلى العتمة فله مثل ذلك وانقلب بحجة مبرورة لم أجد له أصلا بهذا السياق وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث أنس بسند ضعيف ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة متقبلة وكان من عادة السلف دخول المسجد قبل طلوع الفجر قال رجل من التابعين دخلت المسجد قبل طلوع الفجر فلقيت أبا هريرة قد سبقني فقال لي يا ابن أخي لأي شيء خرجت من منزلك في هذه الساعة فقلت لصلاة الغداة فقال أبشر فإنا كنا نعد خروجنا وقعودنا في المسجد في هذه الساعة بمنزلة غزوة في سبيل الله تعالى حديث أبي هريرة كنا نعد خروجنا وقعودنا في المجلس في هذه الساعة بمنزلة غزوة في سبيل الله لم أقف له على أصل أو قال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة رضي الله عنهما وهما نائمان فقال ألا تصليان قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله تعالى فإذا شاء أن يبعثها بعثها فانصرف صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو منصرف يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة وهما نائمان فقال ألا تصليان قال علي فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله الحديث متفق عليه ثم ينبغي أن يشتغل بعد ركعتي الفجر ودعائه بالاستغفار والتسبيح إلى أن تقام الصلاة فيقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه سبعين مرةوسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مائة مرة ثم يصلي الفريضة مراعيا جميع ما ذكرناه من الآداب الباطنة والظاهرة في الصلاة والقدوة فإذا فرغ منها قعد في المسجد إلى طلوع الشمس في ذكر الله تعالى كما سنرتبه فقد قال صلى الله عليه وسلم لأن أقعد في مجلسي أذكر الله تعالى فيه من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب حديث لأن أقعد في مجلس أذكر الله فيه من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب أخرجه أبو داود من حديث أنس وتقدم في الباب الثالث من العلم وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الغداة قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس وفي بعضها ويصلي ركعتين حديث كان إذا صلى الغداة قعد في مصلاه حتى تطلع الشمس وفي بعضها ويصلي ركعتين أي بعد الطلوع أخرجه مسلم من حديث جابر بن سمرة دون ذكر الركعتين والترمذي من حديث أنس وحسنه من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة أي بعد الطلوع وقد ورد في فضل ذلك ما لا يحصى وروى الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما يذكره من رحمة ربه يقول إنه قال يا ابن آدم اذكرني بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما حديث الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيما يذكر من رحمة ربه أنه قال يا ابن آدم اذكرني من بعد صلاة الفجر ساعة وبعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما أخرجه ابن المبارك في الزهد هكذا مرسلا وإذا ظهر فضل ذلك فليقعد ولا يتكلم إلى طلوع الشمس بل ينبغي أن تكون وظيفته إلى الطلوع أربعة أنواع أدعية وأذكار ويكررها في سبحة وقراءة قرآن وتفكر أما الأدعية فكلما يفرغ من صلاته فليبدأ وليقل اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وسلم اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام حينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يفتتح الدعاء بما كان يفتتح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله أهل النعمة والفضل والثناء الحسن لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون حديث كان يفتتح الدعاء بسبحان ربي العلي الأعلى الوهاب تقدم ثم يبدأ بالأدعية التي أوردناها في الباب الثالث والرابع من كتاب الأدعية فيدعو بجميعها إن قدر عليه أو يحفظ من جملتها ما يراه أوفق بحاله وأرق لقلبه وأخف على لسانه وأما الأذكار المكررة فهي كلمات ورد في تكرارها فضائل لم نطول بإيرادها وأقل ما ينبغي أن يكرر كل واحد منها ثلاثا أو سبعا وأكثره مائة أو سبعون وأوسطه عشر فليكررها بقدر فراغه وسعة وقته وفضل الأكثر أكثروالأوسط الأقصد أن يكررها عشر مرات فهو أجدر بأن يدوم عليه خير الأمور ادومها وإن قل وكل وظيفة لا يمكن المواظبة على كثيرها فقليلها مع المداومة أفضل وأشد تأثيرا في القلب مع كثيرها مع الفترة ومثال القليل الدائم كقطرات ماء تتقاطر على الأرض على التوالي فتحدث فيها حفيرة ولو وقع ذلك على الحجر ومثال الكثير المتفرق ماء يصب دفعة أو دفعات متفرقة متباعدة الأوقات فلا يبين لها أثر ظاهر وهذه الكلمات عشرة الأولى قوله لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير حديث الفضل في تكرار لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير تقدم من حديث أبي أيوب تكرارها عشرا دون قوله يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير فإنها في اليوم والليلة للنسائي من حديث أبي ذر دون قوله وهو حي لا يموت وهي كلها عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف فيما يقال عند الصباح والمساء وتقدم تكرارها مائة ومائتين وللطبراني الدعاء من حديث عبد الله بن عمر وتكرارها ألف مرة وإسناد ضعيف الثانية قوله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللهالعلي العظيم حديث الفضل في تكرار سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري استكثروا من الباقيات الصالحات فذكرها الثالثة قوله سبوح قدوس رب الملائكة والروح حديث تكرار سبوح قدوس رب الملائكة والروح لم أجد ذكرها مكررة ولكن عند مسلم من حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها في ركوعه وسجوده وقد تقدم ولأني الشيخ في الثواب من حديث البراء أكثر من أن تقول سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح الرابعة قوله سبحان الله العظيم وبحمده حديث تكرار سبحان الله وبحمده متفق عليه من حديث أبي هريرة من قال ذلك في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر الخامسة قوله أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة حديث تكرار أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث معاذ أن من قالها بعد الفجر وبعد العصر ثلاث مرات كفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ولفظه وأنوب إليه وفيه ضعف وهكذا رواه الترمذي من حديث أبي سعيد في قولها ثلاثا وللبخاري من حديث أبي هريرة إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ولم يقل الطبراني أكثر ولمسلم من حديث الأعرابي لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة تقدمت هذه الأحاديث في الباب الثاني من الأذكار السادسة قوله اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد حديث تكرار اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لم أجد تكرارها في حديث وإنما وردت مطلقة عقب الصلوات وفي الرفع من الركوع السابعة قوله لا إله إلا الله الملك الحق المبين حديث تكرار لا إله إلا الله الملك الحق المبين أخرجه المستغفري في الدعوات والخطيب في الرواة عن مالك من حديث علي من قالها في يوم مائة مرة كان له أمان من الفقر وأمان من وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع باب الجنة وفيه الفضل بن غانم ضعيف ولأبي نعيم في الحلية من قال ذلك في كل يوم وليلة مائتى مرة لم يسأل الله فيهما حاجة الا قضاها وفيه سليم الخواص وقال فيه أظنه عن علي الثامنة قوله بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم حديث تكرار بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم أخرجه أصحاب السنن وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عثمان من قال ذلك ثلاث مرات حين يمسي لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي قال الترمذي حسن صحيح غريب التاسعة اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم حديث تكرار اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد ذكره أبو القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي في فضائل القرآن من حديث ابن أبي أوفى من أراد أن يموت في السماء الرابعة فليقل كل يوم ثلاث مرات فذكره وهو منكر قلت ورد التكرار عند الصباح والمساء من غير تعبير لهذه الصبغة رواه الطبراني من حديث أبي الدرداء بلفظ من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة وفيه انقطاع العاشرة قوله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون حديث تكرار أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم أعوذ بالله من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون أخرجه الترمذي من حديث معقل بن يسار من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك الحديث ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة وقال حسن غريب ولابن أبي الدنيا من حديث أنس مثل حديث مقطوع قبله من قالها حين يصبح عشر مرات أجير من الشيطان إلى الصبح الحديث ولأبي الشيخ في الثواب من حديث عائشة ألا أعلمك يا خالد كلمات تقولها ثلاث مرات قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون والحديث عند أبي داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه فيما يقال عند الفزع دون تكرارها ثلاثا من حديث عبد الله بن عمرو فهذه العشر كلمات إذا كرر كل واحدة عشر مرات حصل له مائة مرة فهو أفضل من أن يكرر ذكرا واحدا مائة مرة لأن لكل واحدة من هؤلاء الكلمات فضلا على حياله وللقلب بكل واحد نوع تنبه وتلذذ وللنفس في الانتقال من كلمة إلى كلمة نوع استراحة وأمن من الملل فأما القراءة فيستحب له قراءة جملة من الآياتوردت الأخبار بفضلها وهو أن يقرأ سورة الحمد حديث فضل سورة الحمد أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى أنها أعظم السور في القرآن ومسلم من حديث ابن عباس في الملك الذي نزل إلى الأرض وقال للنبي صلى الله عليه وسلم أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتم سورة البقرة لم تقرأ بحرف منها إلا أعطيته وآية الكرسي حديث فضل آية الكرسي أخرجه مسلم من حديث أبي بن كعب يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم الحديث والبخاري من حديث أبي هريرة في توكيله بحفظ تمر الصدقة ومجيء الشيطان إليه وقوله إذا آويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب وخاتمة البقرة حديث فضل خاتمة البقرة متفق عليه من حديث أبي مسعود من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه وتقدم حديث ابن عباس قبله بحديث من قوله آمن الرسول وشهد الله حديث فضل شهد الله أخرجه أبو الشيخ وابن حبان في كتاب الثواب من حديث ابن مسعود من قرأ شهد الله إلى قوله الإسلام ثم قال وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عنده وديعة جيء به يوم القيامة فقيل له عبدي هذا عهد إلي عهدا وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة وفيه عمر بن المختار روى الأباطيل قاله ابن عدي وسيأتي حديث علي بعده وقل اللهم مالك الملك الآيتين حديث فضل قل اللهم مالك الملك الآيتين أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث علي أن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران شهد الله إلى قوله الإسلام وقل اللهم مالك الملك إلى قوله بغير حساب معلقات ما بينهن وبين الله حجاب الحديث وفيه فقال الله لا يقرأ كل أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه الحديث وفيه الحارث بن عمير وفي ترجمته ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال موضوع لا أصل له والحارث يروي عن الأثبات الموضوعات قلت وثقه حماد بن زيد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وروى له البخاري تعليقا وقوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخرها حديث فضل لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخرها أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث أنس بسند ضعيف علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحترز به من كل شيطان رجيم ومن كل جبار عنيد فذكر حديثا وفي آخره فقل حسبي الله إلى آخر السورة وذكر أبو القاسم الغافقي في فضائل القرآن في رغائب القرآن لعبد الملك بن حبيب من رواية محمد بن بكار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لزم قراءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة لم يمت هدما ولا غرقا ولا حرقا ولا ضربا بحديدة وهو ضعيف وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى آخرها حديث فضل لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لم أجد فيه حديثا يخصها لكن في فضل سورة الفتح ما رواه أبو الشيخ في كتاب من حديث أبي بن كعب من قرأ سورة الفتح فكأنما شهد فتح مكة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث موضوع وقوله سبحانه الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا حديث فضل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية أخرجه أحمد والطبراني من حديث معاذ بن أنس آية العز الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية كلها وإسناده ضعيف الآية وخمس آيات من أول الحديد حديث فضل خمس آيات من أول الحديد ذكر أبو القاسم الغافقي في فضائل القرآن من حديث علي إذا أردت أن تسأل الله حاجة فاقرأ خمس آيات من أول سورة الحديد إلى قوله عليم بذات الصدور ومن آخر سورة الحشر من قوله لو أنزلنا هذا القرآن على جبل إلى آخر السورة ثم تقول يا من هو كذا افعل بي كذا وتدعو بما تريد وثلاثا من آخر سورة الحشر حديث فضل ثلاث آيات من آخر سورة الحشر أخرجه الترمذي من حديث معقل بن يسار وقد تقدم قبل هذا وللبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة بسند ضعيف من قرأ خواتيم سورة الحشر في ليل أو نهار فمات من يومه أو ليلته فقد أوجب الله له الجنة وإن قرأ المسبعات العشر التي أهداها الخضر عليه السلام إلى إبراهيم التيمي رحمه الله ووصاه أن يقولها غدوة وعشية فقد استكمل الفضل وجمع له ذلك فضيلة جملة الأدعية المذكورة فقد روي عن كرز بن وبرة رحمه الله وكان من الأبدال قال أتاني أخ لي من أهل الشام فأهدى لي هدية وقال يا كرز اقبل مني هذه الهدية فإنها نعمت الهدية فقلت يا أخي ومن أهدى لك هذه الهدية قال أعطانيها إبراهيم التيمي قلت أفلم تسأل إبراهيم من أعطاه إياها قال كنت جالسا في فناء الكعبة وأنا في التهليل والتسبيح والتحميد والتمجيد فجاءني رجل فسلم علي وجلس عن يميني فلم أر في زماني أحسن منه وجها ولا أحسن منه ثيابا ولا أشد بياضا ولا أطيب ريحا منه فقلت يا عبد الله من أنت ومن أين جئت فقال أنا الخضر فقلت في أي شيء جئتني فقال جئتك للسلام عليك وحبا لك في الله وعندي هدية أريد أن أهديها لك فقلت ما هي قال أن تقولقبل طلوع الشمس وقبل انبساطها على الأرض وقبل الغروب سورة الحمد وقل أعوذ برب الناس وقل أعوذ برب الفلق وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وآية الكرسي كل واحدة سبع مرات وتقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سبعا وتستغفر لنفسك ولوالديك والمؤمنين وللمؤمنات سبعا وتقول اللهم افعل بي وبهم عاجلا وآجلا في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل إنك غفور حليم جواد كريم رءوف رحيم سبع مرات وانظر أن لا تدع ذلك غدوة وعشية فقلت أحب أن تخبرني من أعطاك هذه العطية العظيمة فقال أعطانيها محمد صلى الله عليه وسلم حديث كرز بن وبرة من أهل الشام عن إبراهيم التيمي أن الخضر علمه المسبعات العشرة وقال في آخرها أعطانيها محمد صلى الله عليه وسلم ليس له أصل ولم يصح في حديث قط اجتماع الخضر بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا عدم اجتماعه ولا حياته ولا موته فقلت أخبرني بثواب ذلك فقال إذا لقيت محمدا صلى الله عليه وسلم فاسأله عن ثوابه فإنه يخبرك بذلك فذكر إبراهيم التيمي أنه رأى ذات يوم في منامه كأن الملائكة جاءته فاحتملته حتى أدخلوه الجنة فرأى ما فيها ووصف أمورا عظيمة مما رآه في الجنة قال فسألت الملائكة فقلت لمن هذا فقالوا للذي يعمل مثل عملك وذكر أنه أكل من ثمرها وسقوه من شرابها قال قال فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سبعون نبيا وسبعون صفا من الملائكة كل صف مثل ما بين المشرق والمغرب فسلم علي وأخذ بيدي فقلت يا رسول الله الخضر أخبرني أنه سمع منك هذا الحديث فقال صدق الخضر صدق الخضر وكل ما يحكيه فهو حق وهو عالم أهل الأرض وهو رئيس الأبدال وهو من جنود الله تعالى في الأرض فقلت يا رسول الله فمن فعل هذا أو عمله ولم ير مثل الذي رأيت في منامي هل يعطى شيئا مما أعطيته فقال والذي بعثني بالحق نبيا إنه ليعطى العامل بهذا وإن لم يرني ولم ير الجنة إنه ليغفر له جميع الكبائر التي عملها ويرفع الله تعالى عنه غضبه ومقته ويأمر صاحب الشمال أن لا يكتب عليه خطيئة من السيئات إلى سنة والذي بعثني بالحق نبيا ما يعمل بهذا إلا من خلقه الله سعيدا ولا يتركه إلا من خلقه الله شقيا وكان إبراهيم التيمي يمكث أربعة أشهر لم يطعم ولم يشرب فلعله كان بعد هذه الرؤيا فهذه وظيفة القراءة فإن أضاف إليها شيئا مما انتهى إليه ورده من القرآن أو اقتصر عليه فهو حسن فإن القرآن جامع لفضل الذكر والفكر والدعاء مهما كان بتدبر كما ذكرنا فضله وآدابه في باب التلاوة وأما الأفكار فليكن ذلك إحدى وظائفه وسيأتي تفصيل ما يتفكر فيه وكيفيته في كتاب التفكر من ربع المنجيات ولكن مجامعه ترجع إلى فنين أحدهما أن يتفكر فيما ينفعه من المعاملة بأن يحاسب نفسه فيما سبق من تقصيره ويرتب وظائفه في يومه الذي بين يديه ويدبر في دفع الصوارف والعوائق الشاغلة له عن الخير ويتذكر تقصيره وما يتطرق إليه الخلل من أعماله ليصلحه ويحضر في قلبه النيات الصالحة من أعماله في نفسه وفي معاملته للمسلمين والفن الثاني فيما ينفعه في علم المكاشفة وذلك بأن يتفكر مرة في نعم الله تعالى وتواتر آلاته الظاهرة والباطنة لتزيد معرفته بها ويكثر شكره عليها أو في عقوباته ونقماته لتزيد معرفته بقدرة الإله واستغنائه ويزيد خوفه منها ولكل واحد من هذه الأمور شعب كثيرة يتسع التفكر فيها على بعض الخلق دون البعض وإنما نستقضي ذلك في كتاب التفكر ومهما تيسر الفكر فهو أشرف العبادات إذ فيه معنى الذكر لله تعالى وزيادة أمرين أحدهما زيادة المعرفة إذ الفكر مفتاح المعرفة والكشف والثاني زيادة المحبة إذ لا يحب القلب إلا من اعتقد تعظيمه ولا تنكشف عظمة الله سبحانه وجلاله إلا بمعرفة صفاته ومعرفة قدرته وعجائب أفعاله فيحصل من الفكر المعرفة ومن المعرفة التعظيم ومن التعظيم المحبة والذكر أيضا يورث الأنس وهو نوع من المحبة ولكن المحبة التي سببها المعرفةأقوى وأثبت وأعظم ونسبة محبة العارف إلى أنس الذاكر من غير تمام الاستبصار كنسبة عشق من شاهد جمال شخص بالعين واطلع على حسن أخلاقه وأفعاله وفضائله وخصاله الحميدة بالتجربة إلى أنس من كرر على سمعه وصف شخص غائب عن عينه بالحسن في الخلق والخلق مطلقا من غير تفصيل وجوه الحسن فيهما فليس محبته له كمحبة المشاهد وليس الخبر كالمعاينة فالعباد المواظبون على ذكر الله بالقلب واللسان الذين يصدقون بما جاءت به الرسل بالإيمان التقليدي ليس معهم من محاسن صفات الله تعالى إلا أمور جميلة اعتقدوها بتصديق عن وصفها لهم والعارفون هم الذين شاهدوا ذلك الجلال والجمال بعين البصيرة الباطنة التي هي أقوى من البصر الظاهر لأن أحدا لم يحط بكنه جلاله وجماله فإن ذلك غير مقدور لأحد من الخلق ولكن كل واحد شاهد بقدر ما رفع له من الحجاب ولا نهاية لجمال حضرة الربوبية ولا لحجبها وإنما عدد حجبها التي استحقت أن تسمى نورا وكاد يظن الواصل إليها أنه قد تم وصوله إلى الأصل سبعون حجابا قال صلى الله عليه وسلم إن لله سبعين حجابا من نور لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل ما أدرك بصره حديث إن لله سبعين حجابا من نور الحديث تقدم في قواعد العقائد وتلك الحجب أيضا مترتبة وتلك الأنوار متفاوتة في الرتب تفاوت الشمس والقمر والكواكب ويبدو في الأول أصغرها ثم ما يليه وعليه أول بعض الصوفية درجات ما كان يظهر لإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم في ترقيه وقال فلما جن عليه الليل أي أظلم عليه الأمر رأى كوكبا أي وصل إلى حجاب من حجب النور فعبر عنه بالكوكب وما أريد به هذه الأجسام المضيئة فإن آحاد العوام لا يخفى عليهم أن الربوبية لا تليق بالأجسام بل يدركون ذلك بأوائل نظرهم فما لا يضلل العوام لا يضلل الخليل عليه السلام والحجب المسماة أنوارا ما أريد بها الضوء المحسوس بالبصر بل أريد بها ما أريد بقوله تعالى الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح الآية ولنتجاوز هذه المعاني فإنها خارجة عن علم المعاملة ولا يوصل إلى حقائقها إلا الكشف التابع للفكر الصافي وقل من ينفتح له بابه والمتيسر على جماهير الخلائق الفكر فيما يفيد في علم المعاملة وذلك أيضا مما تغزر فائدته ويعظم نفعه فهذه الوظائف الأربعة أعني الدعاء والذكر والقراءة والفكر ينبغي أن تكون وظيفة المريد بعد صلاة الصبح بل في كل ورد بعد الفراغ من وظيفة الصلاة فليس بعد الصلاة وظيفة سوى هذه الأربع ويقوى على ذلك بأن يأخذ سلاحه ومجنته والصوم هو الجنة التي تضيق مجاري الشيطان المعادي الصارف له على سبيل الرشاد وليس بعد طلوع الصبح صلاة سوى ركعتي الفجر وفرض الصبح إلى طلوع الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم يشتغلون في هذا الوقت بالأذكار حديث اشتغاله بالأذكار من الصبح إلى طلوع الشمس تقدم حديث جابر بن سمرة عند مسلم في جلوسه صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر في مجلسه حتى تطلع الشمس وليس فيه ذكر اشتغاله بالذكر وإنما هو من قوله عما تقدم من حديث أنس وهو الأولى إلى أن يغلبه النوم قبل الفرض ولم يندفع إلا بالصلاة فلو صلى لذلك فلا بأس به الورد الثاني ما بين طلوع الشمس إلى ضحوة النهار وأعني بالضحوة منتصف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال وذلك بمضي ثلاث ساعات من النهار إذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة وهو الربع وفي هذا الربع من النهار وظيفتان زائدتان إحداهما صلاة الضحى وقد ذكرناها في كتاب الصلاة وأن الأولى أن يصلي ركعتين عند الإشراق وذلك إذا انبسطت الشمس وارتفعت قدر نصف رمح ويصلي أربعا أو ستا أو ثمانيا إذا رمضت الفصال وضحيت الأقدام بحر الشمس فوقت الركعتين هو الذي أراد الله تعالى بقوله يسبحن بالعشي والإشراق فإنه وقت إشراق الشمس وهو ظهور تمام نورها بارتفاعها عن موازات البخارات والغبارات التي على وجه الأرضفإنها تمنع إشرافها التام ووقت الركعات الأربع هو الضحى الأعلى الذي أقسم الله تعالى به فقال والضحى والليل إذا سجى وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يصلون عند الإشراق فنادى بأعلى صوته ألا إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال حديث خرج على أصحابه وهم يصلون عند الإشراق فنادى بأعلى صوته إلا إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال أخرجه الطبراني من حديث زيد بن أرقم دون قوله فنادى بأعلى صوته وهو عند مسلم دون ذكر الإشراق فلذلك نقول إذا كان يقتصر على مرة واحدة في الصلاة فهذا الوقت أفضل لصلاة الضحى وإن كان أصل الفضل يحصل بالصلاة بين طرفي وقتي الكراهة وهو ما بين ارتفاع الشمس بطلوع نصف رمح بالتقريب إلى ما قبل الزوال في ساعة الاستواء واسم الضحى ينطلق على الكل وكأن ركعتي الإشراق تقع في مبتدأ وقت الإذن في الصلاة وانقضاء الكراهة إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها حديث إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها تقدم في الصلاة فأقل ارتفاعها أن ترتفع عن بخارات الأرض وغبارها وهذا يراعى بالتقريب الوظيفة الثانية في هذا الوقت الخيرات المتعلقة بالناس التي جرت بها العادات بكرة من عيادة مريض وتشييع جنازة ومعاونة على بر وتقوى وحضور مجلس علم وما يجري مجراه من قضاء حاجة لمسلم وغيرها فإن لم يكن شيء من ذلك عاد إلى الوظائف الأربع التي قدمناها من الأدعية والذكر والقراءة والفكر والصلوات المتطوع بها إن شاء فإنها مكروهة بعد صلاة الصبح وليست مكروهة الآن فتصير الصلاة قسما خامسا من جملة وظائف هذا الوقت لمن أراده أما بعد فريضه الصبح فتكره كل صلاة لا سبب لها وبعد الصبح الأحب أن يقتصر على ركعتي الفجر وتحية المسجد ولا يشتغل بالصلاة بل بالأذكار والقراءة والدعاء والفكر الورد الثالث من ضحوة النهار إلى الزوال ونعني بالضحوة المنتصف وما قبله بقليل وإن كان بعد كل ثلاث ساعات أمر بصلاة فإذا انقضى ثلاث ساعات بعد الطلوع فعندها وقبل مضيها صلاة الضحى فإذا مضت ثلاث ساعات أخرى فالظهر فإذا مضت ثلاث ساعات أخرى فالعصر فإذا مضت ثلاث أخرى فالمغرب ومنزلة الضحى بين الزوال والطلوع كمنزلة العصر بين الزوال والغروب إلا أن الضحى لم تفرض لأنه وقت انكباب الناس على أشغالهم فخفف عنهم الوظيفة الرابعة في هذا الوقت الأقسام الأربعة وزيد أمران أحدهما الاشتغال بالكسب وتدبير المعيشة وحضور السوق فإن كان تاجرا فينبغي أن يتجر بصدق وأمانة وإن كان صاحب صناعة فبنصح وشفقة ولا ينسى ذكر الله تعالى في جميع أشغاله ويقتصر من الكسب على قدر حاجته ليومه مهما قدر على أن يكتسب في كل يوم لقوته فإذا حصل كفاية يومه فليرجع إلى بيت ربه وليتزود لآخرته فإن الحاجة إلى زاد الآخرة أشد والتمتع به أدوم فاشتغاله بكسبه أهم من طلب الزيادة على حاجة الوقت فقد قيل لا يوجد المؤمن إلا في ثلاث مواطن مسجد يعمره أو بيت يستره أو حاجة لا بد له منها وقل من يعرف القدر فيما لا بد منه بل أكثر الناس يقدرون فيما عنه بد أنه لا بد لهم منه وذلك لأن الشيطان يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء فيصغون إليه ويجمعون ما لا يأكلون خيفة الفقر والله يعدهم مغفرة منه وفضلا فيعرضون عنه ولا يرغبون فيه الأمر الثاني القيلولة وهي سنة يستعان بها على قيام الليل كما أن التسحر سنة يستعان به على صيام النهار فإن كان لا يقوم بالليل لكن لو لم ينم لم يشتغل بخير وربما خالط أهل الغفلة وتحدث معهم فالنوم أحب له إذا كان لا ينبعث نشاطه للرجوع إلى الأذكار والوظائف المذكورة إذ في النوم الصمت والسلامة وقد قال بعضهم يأتي على الناس زمان الصمت والنوم فيه أفضل أعمالهم وكم من عابد أحسن أحواله النوم وذلك إذا كان يرائى بعبادته ولا يخلص فيها فكيف بالغافلالفاسق قال سفيان الثوري رحمه الله كان يعجبهم إذا تفرغوا أن يناموا طلبا للسلامة فإذا كان نومه على قصد طلب السلامة ونية قيام الليل كان نومه قربة ولكن ينبغي أن يتنبه قبل الزوال بقدر الاستعداد للصلاة بالوضوء وحضور المسجد قبل دخول وقت الصلاة فإن ذلك من فضائل الأعمال وإن لم ينم ولم يشتغل بالكسب واشتغل بالصلاة والذكر فهو أفضل أعمال النهار لأنه وقت غفلة الناس عن الله عز وجل واشتغالهم بهموم الدنيا فالقلب المتفرغ لخدمة ربه عند إعراض العبيد عن بابه جدير بأن يزكيه الله تعالى ويصطفيه لقربه ومعرفته وفضل ذلك كفضل إحياء الليل فإن الليل وقت الغفلة بالنوم وهذا وقت الغفلة باتباع الهوى والاشتغال بهموم الدنيا وأحد معنى قوله تعالى وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن اراد أن يذكر أي يخلف أحدهما الآخر في الفضل والثاني أنه يخلفه فيتدارك فيه ما فات في أحدهما الورد الرابع ما بين الزوال إلى الفراغ من صلاة الظهر وراتبته وهذا أقصر أوراد النهار وأفضلها فإذا كان قد توضأ قبل الزوال وحضر المسجد فمهما زالت الشمس وابتدأ المؤذن الأذان فليصبر إلى الفراغ من جواب أذانه ثم ليقم إلى إحياء ما بين الأذان والإقامة فهو وقت الإظهار الذي أراده الله تعالى بقوله وحين تظهرون وليصل في هذا الوقت أربع ركعات لا يفصل بينهن بتسليمة واحدة حديث صلاة أربع بعد الزوال بتسليمة واحدة وفيه أنها فيها تفتح أبواب السماء وأنها ساعة يستجاب فيها الدعاء فأحب أن يرفع لي فيها عمل صالح أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي أيوب وقد تقدم في الصلاة في الباب السادس وهذه الصلاة وحدها من بين سائر صلوات النهار نقل بعض العلماء أنه يصليها بتسليمة واحدة ولكن طعن في تلك الرواية ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه يصلي مثنى مثنى كسائر النوافل ويفصل بتسليمة حديث صلاة الليل والنهار مثنى مثنى أخرجه أبو داود وابن حبان من حديث ابن عمر وهو الذي صحت به الأخبار وليطول هذه الركعات إذ فيها تفتح أبواب السماء كما أوردنا الخبر فيه في باب صلاة التطوع وليقرأ فيها سورة البقرة أو سورة من المئين أو أربعا من المثاني فهذه ساعات يستجاب فيها الدعاء وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرتفع له فيها عمل ثم يصلي الظهر بجماعة بعد أربع ركعات طويلة كما سبق أو قصيرة لا ينبغي أن يدعها ثم ليصل بعد الظهر ركعتين ثم أربعا فقد كره ابن مسعود أن تتبع الفريضة بمثلها من غير فاصل ويستحب أن يقرأ في هذه النافلة آية الكرسي وآخر سورة البقرة والآيات التي أوردناها في الورد الأول ليكون ذلك جامعا له بين الدعاء والذكر والقراءة والصلاة والتحميد والتسبيح مع شرف الوقت الورد الخامس ما بعد ذلك إلى العصر ويستحب فيه العكوف في المسجد مشتغلا بالذكر والصلاة أو فنون الخير ويكون في انتظار الصلاة معتكفا فمن فضائل الأعمال انتظار الصلاة بعد الصلاة وكان ذلك سنة السلف كان الداخل يدخل المسجد بين الظهر والعصر فيسمع للمصلين دويا كدوى النحل من التلاوة فإن كان بيته أسلم لدينه وأجمع لهمه فالبيت أفضل في حقه فإحياء هذا الورد وهو أيضا وقت غفله الناس كإحياء الورد الثالث في الفضل وفي هذا الوقت يكره النوم لمن نام قبل الزوال إذ يكره نومتان بالنهار قال بعض العلماء ثلاث يمقت الله عليها الضحك بغير عجب والأكل من غير جوع والنوم بالنهار من غير سهر بالليل والحد في النوم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة فالاعتدال في نومه ثمان ساعات في الليل والنهار جميعا فإن نام هذا القدر بالليل فلا معنى للنوم بالنهار وإن نقص منه مقدارا استوفاه بالنهار فحسب ابن آدم إن عاش ستين سنة أن ينقص من عمره عشرون سنة ومهما نام ثمان ساعات وهو الثلث فقد نقص من عمره الثلث ولكن لما كان النوم غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الأبدانوكما أن العلم والذكر غذاء القلب لم يمكن قطعه عنه وقدر الاعتدال هذا والنقصان منه ربما يفضي إلى اضطراب البدن إلا من يتعود السهر تدريجا فقد يمرن نفسه عليه من غير اضطراب وهذا الورد من أطول الأوراد وأمتعها للعباد وهو أحد والآصال التي ذكرها الله تعالى إذ قال ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال وإذا سجد لله عز وجل الجمادات فكيف يجوز أن يغفل العبد العاقل عن أنواع العبادات الورد السادس إذا دخل وقت العصر دخل وقت الورد السادس وهو الذي أقسم الله تعالى به فقال تعالى والعصر هذا أحد معنيي الآية وهو المراد بالآصال في أحد التفسيرين وهو العشي المذكور في قوله وعشيا وفي قوله بالعشي والإشراق وليس في هذا الورد صلاة إلا أربع ركعات بين الأذان والإقامة كما سبق في الظهر ثم يصلي الفرض ويشتغل بالأقسام الأربعة المذكورة في الورد الأول إلى أن ترتفع الشمس إلى رءوس الحيطان وتصفر والأفضل فيه إذ منع عن الصلاة تلاوة القرآن بتدبر وتفهم إذ يجمع ذلك بين الذكر والدعاء والفكر فيندرج في هذا القسم أكثر مقاصد الأقسام الثلاثة الورد السابع إذا اصفرت الشمس بأن تقرب من الأرض بحيث يغطى نورها العبارات والبخارات التي على وجه الأرض ويرى صفرة في ضوئها دخل وقت هذا الورد وهو مثل الورد الأول من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأنه قبل الغروب كما أن ذلك قبل الطلوع وهو المراد بقوله تعالى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وهذا هو الطرف الثاني المراد بقوله تعالى فسبح وأطراف النهار قال الحسن كانوا أشد تعظيما للعشى منهم لأول النهار وقال بعض السلف كانوا يجعلون أول النهار للدنيا وآخره للآخرة فيستحب في هذا الوقت التسبيح والاستغفار خاصة وسائر ما ذكرناه في الورد الأول مثل أن يقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأسأله التوبة وسبحان الله العظيم وبحمده مأخوذ من قوله تعالى واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار والاستغفار على الأسماء التي في القرآن أحب كقوله استغفر الله إنه كان غفارا أستغفر الله إنه كان توابا رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ويستحب أن يقرأ قبل غروب الشمس والشمس وضحاها والليل إذا يغشى والمعوذتين ولتغرب الشمس عليه وهو في الاستغفار فإذا سمع الأذان قال اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك كما سبق ثم يجيب المؤذن ويشتغل بصلاة المغرب وبالغروب قد انتهت أوراد النهار فينبغي أن يلاحظ العبد أحواله ويحاسب نفسه فقد انقضى من طريقه مرحلة فان ساوى يومه أمسه فيكون مغبونا وإن كان شرا منه فيكون معلونا فقد قال صلى الله عليه وسلم لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه خيرا حديث لا بورك لي في يوم لا أزداد فيه خيرا تقدم في العلم في الباب الأول إلا أنه قال علما بدل خيرا فإن رأى نفسه متوفرا على الخير جميع نهاره مترفها عن التجشم كانت بشارة فليشكر الله تعالى على توفيقه وتسديده إياه لطريقه وإن تكن الأخرى فالليل خلفه النهار فليعزم
عدل سابقا من قبل sakr في السبت ديسمبر 01, 2012 3:39 am عدل 1 مرات
sakr المدير العام
عدد المساهمات : 1794 تاريخ التسجيل : 19/06/2011
موضوع: رد: ترتيب الأوراد وتفصيل إحياء الليل الجمعة أبريل 13, 2012 2:45 am
يصلون لما فيها من الاستغفار وهو مقارب للفجر الذي هو وقت انصراف ملائكة الليل وإقبال ملائكة النهار وقد أمر بهذا الورد سلمان أخاه أبا الدرداء رضي الله عنهما ليلة زاره حديث زار سلمان أبا الدرداء فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان نم فنام الحديث وفي آخره فقال صدق سلمان أخرجه البخاري من حديث أبي جحيفة في حديث طويل قال في آخره فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان نم فنام ثم ذهب ليقوم فقال له نم فنام فلما كان عند الصبح قال له سلمان قم الآن فقاما فصليا فقال إن لنفسك عليك حقا وإن لضيفك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه وذلك أن امرأة أبي الدرداء أخبرت سلمان أنه لا ينام الليل قال فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال صدق سلمان وهذا هو الورد الخامس وفيه يستحب السحور وذلك عند خوف طلوع الفجر والوظيفة في هذين الوردين الصلاة فإذا طلع الفجر انقضت أوراد الليل ودخلت أوراد النهار فيقوم ويصلي ركعتي الفجر وهو المراد بقوله تعالى ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ثم يقرأ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة إلى آخرها ثم يقول وأنا أشهد بما شهد الله به لنفسه وشهدت به ملائكته وأولو العلم من خلقه وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عند الله تعالى وديعة وأسأله حفظها حتى يتوفاني عليها اللهم احطط عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا واحفظها علي وتوفني عليها حتى ألقاك بها غير مبدل تبديلا فهذا ترتيب الأوراد للعباد وقد كانوا يستحبون أن يجمعوا مع ذلك في كل يوم بين أربعة أمور صوم وصدقة وإن قلت وعيادة مريض وشهود جنازة ففي الخبر من جمع بين هذه الأربع في يوم غفر له حديث من جمع بين صوم وصدقة وعيادة مريض وشهود جنازة في يوم غفر له وفي رواية دخل الجنة أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ما اجتمعن في امرىء إلا دخل الجنة وفي رواية دخل الجنة فإن أنفق بعضها وعجز عن الآخر كان له أجر الجميع بحسب نيته وكانوا يكرهون أن ينقضي اليوم ولم يتصدقوا فيه بصدقة ولو بتمرة أو بصلة أو كسرة خبز لقوله صلى الله عليه وسلم الرجل في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس حديث الرجل في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس تقدم في الزكاة ولقوله صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة حديث اتقوا النار ولو بشق تمرة تقدم في الزكاة ودفعت عائشة رضي الله عنها إلى سائل عنبة واحدة فأخذها فنظر من كان عندها بعضهم إلى بعض فقالت ما لكم إن فيها لمثاقيل ذر كثير وكانوا لا يستحبون رد السائل إذ كان من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلكما سأله أحد شيئا فقال لا ولكنه إن لم يقدر عليه سكت حديث ما سأله أحد شيئا فقال لا إن لم يقدر عليه سكت أخرجه مسلم من حديث جابر وللبزار من حديث أنس أو يسكت وفي الخبر يصبح ابن آدم وعلى كل سلامى من جسده صدقة يعني المفصل وفي جسده ثلثمائة وستون مفصلا فأمرك بالمعروف صدقة ونهيك عن المنكر صدقة وحملك عن الضعيف صدقة وهدايتك إلى الطريق صدقة وإماطتك الأذى صدقة حتى ذكر التسبيح والتهليل ثم قال وركعتا الضحى تأتي على ذلك كله أو تجمعن لك ذلك كله حديث يصبح ابن آدم وعلى كل سلامى من جسده صدقة الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي ذر بيان اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال اعلم أن المريد لحرث الآخرة السالك لطريقها لا يخلو عن ستة أحوال فإنه إما عابد وإما عالم وإما متعلم وإما وال وإما محترف وإما موحد مستغرق بالواحد الصمد عن غيره الأول العابد وهو المتجرد للعبادة الذي لا شغل له غيرها أصلا ولو ترك العبادة لجلس بطالا فترتيب أوراده ما ذكرناه نعم لا يبعد أن تختلف وظائفه بأن يستغرق أكثر أوقاته إما في الصلاة أو القراءة أو في التسبيحات فقد كان في الصحابة رضي الله عنهم من ورده في اليوم اثنا عشر ألف تسبيحة وكان فيهم من ورده ثلاثون ألفا وكان فيهم من ورده ثلثمائة ركعة إلى ستمائة وإلى ألف ركعة وأقل ما نقل في أورادهم من الصلاة مائة ركعة في اليوم والليلة وكان بعضهم أكثر ورده القرآن وكان يختم الواحد منهم في اليوم مرة وروى مرتين عن بعضهم وكان بعضهم يقضي اليوم أو الليل في التفكر في آية واحدة يرددها وكان كرز بن وبرة مقيما بمكة فكان يطوف في كل يوم سبعين أسبوعا وفي كل ليلة سبعين أسبوعا وكان مع ذلك يختم القرآن في اليوم والليلة مرتين فحسب ذلك فكان عشرة فراسخ ويكون مع كل أسبوع ركعتان فهو مائتان وثمانون ركعة وختمتان وعشرة فراسخ فإن قلت فما الأولى أن يصرف إليه أكثر الأوقات من هذه الأوراد فاعلم أن قراءة القرآن في الصلاة قائما مع التدبر يجمع الجميع ولكن ربما تعسر المواظبة عليه فالأفضل يختلف باختلاف حال الشخص ومقصود الأوراد تزكية القلب وتطهيره وتحليته بذكر الله تعالى وإيناسه به فلينظر المريد إلى قلبه فما يراه أشد تأثيرا فيه فليواظب عليه فإذا أحس بملالة منه فلينتقل إلى غيره ولذلك نرى الأصوب لأكثر الخلق توزيع هذه الخيرات المختلفة على الأوقات كما سبق والانتقال فيها من نوع إلى نوع لأن الملال هو الغالب على الطبع وأحوال الشخص الواحد في ذلك أيضا تختلف ولكن إذا فهم فقه الأوراد وسرها فليتبع المعنى فإن سمع تسبيحة مثلا وأحس لها بوقع قلبه فليواظب على تكرارها ما دام يجد لها وقعا وقد روى عن إبراهيم بن أدهم عن بعض الأبدال أنه قام ذات ليلة يصلى على شاطىء البحر فسمع صوتا عاليا بالتسبيح ولم ير أحدا فقال من أنت أسمع صوتك ولا أرى شخصك فقال أنا ملك من الملائكة موكل بهذا البحر أسبح الله تعالى بهذا التسبيح منذ خلقت قلت فما اسمك قال مهلهيائيل قلت فما ثواب من قاله قال من قاله مائة مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له والتسبيح هو قوله سبحان الله العلي الديان سبحان الله الشديد الأركان سبحان من يذهب بالليل ويأتي بالنهار سبحان من لا يشغله شأن عن شأن سبحان الله الحنان المنان سبحان الله المسبح في كل مكان فهذا وأمثاله إذا سمعه المريد ووجد له في قلبه وقعا فليلازمه وأيا ما وجد القلب عنده وفتح له فيه خير فليواظب عليه الثاني العالم الذي ينفع الناس بعلمه في فتوى أو تدريس أو تصنيف فترتيبه الأوراد يخالف ترتيب العابد فإنه يحتاج إلى المطالعة للكتب وإلى التصنيف والإفادة ويحتاج إلى مدة لها لا محالة فإن أمكنه استغراق الأوقات فيه فهو أفضل ما يشتغلبه بعد المكتوبات ورواتبها ويدل على ذلك جميع ما ذكرناه في فضيلة التعليم والتعلم في كتاب العلم وكيف لا يكون كذلك وفي العلم المواظبة على ذكر الله تعالى وتأمل ما قال الله تعالى وقال رسوله وفيه منفعة الخلق وهدايتهم إلى طريق الآخرة ورب مسألة واحدة يتعلمها المتعلم فيصلح بها عبادة عمره ولو لم يتعلمها لكان سعيه ضائعا وإنما نعني بالعلم المقدم على العبادة العلم الذي يرغب الناس في الآخرة ويزهدهم في الدنيا أو العلم الذي يعينهم على سلوك طريق الآخرة إذا تعلموه على قصد الاستعانة به على السلوك دون العلوم التي تزيد بها الرغبة في المال والجاه وقبول الخلق والأولى بالعالم أن يقسم أوقاته أيضا فإن استغراق الأوقات في ترتيب العلم لا يحتمله الطبع فينبغي أن يخصص ما بعد الصبح إلى طلوع الشمس بالأذكار والأوراد كما ذكرناه في الورد الأول وبعد الطلوع إلى ضحوة النهار في الإفادة والتعليم إن كان عنده من يستفيد علما لأجل الآخرة وإن لم يكن فيصرفه إلى الفكر ويتفكر فيما يشكل عليه من علوم الدين فإن صفاء القلب بعد الفراغ من الذكر وقبل الاشتغال بهموم الدنيا يعين على التفطن للمشكلات ومن ضحوة النهار إلى العصر للتصنيف والمطالعة لا يتركها إلا في وقت أكل وطهارة ومكتوبة وقيلولة خفيفة إن طال النهار ومن العصر إلى الاصفرار يشتغل بسماع ما يقرأ بين يديه من تفسير أو حديث أو علم نافع ومن الاصفرار إلى الغروب يشتغل بالذكر والاستغفار والتسبيح فيكون ورده الأول قبل طلوع الشمس في عمل اللسان وورده الثاني في عمل القلب بالفكر إلى الضحوة وورده الثالث إلى العصر في عمل العين واليد بالمطالعة والكتابة وورده الرابع بعد العصر في عمل السمع ليروح فيه العين واليد فإن المطالعة والكتابة بعد العصر ربما أضرا بالعين وعند الاصفرار يعود إلى ذكر اللسان فلا يخلو جزء من النهار عن عمل له بالجوارح مع حضور القلب في الجميع وأما الليل فأحسن قسم فيه قسمة الشافعي رضي الله عنه إذ كان يقسم الليل ثلاثة أجزاء ثلثا للمطالعة وترتيب العلم وهو الأول وثلثا للصلاة وهو الوسط وثلثا للنوم وهو الأخير وهذا يتيسر في ليالي الشتاء والصيف ربما لا يحتمل ذلك إلا إذا كان أكثر النوم بالنهار فهذا ما نستحبه من ترتيب أوراد العالم الثالث المتعلم والاشتغال بالتعلم أفضل من الاشتغال بالأذكار والنوافل فحكمه حكم العالم في ترتيب الأوراد ولكن يشتغل بالاستفادة حيث يشتغل العالم بالإفادة وبالتعليق والنسخ حيث يشتغل العالم بالتصنيف ويرتب أوقاته كما ذكرنا وكل ما ذكرناه في فضيلة التعلم والعلم من كتاب العلم يدل على أن ذلك أفضل بل إن لم يكن متعلما على معنى أنه يعلق ويحصل ليصير عالما بل كان من العوام فحضوره مجالس الذكر والوعظ والعلم أفضل من اشتغاله بالأوراد التي ذكرناها بعد الصبح وبعد الطلوع وفي سائر الأوقات ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه أن حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة وشهود ألف جنازة وعيادة ألف مريض حديث أبي ذر حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة الحديث تقدم في العلم وقال صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا فيها فقيل يا رسول الله وما رياض الجنة قال حلق الذكر حديث إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا فيها الحديث تقدم في العلم وقال كعب الأحبار رضي الله عنه لو أن ثواب مجالس العلماء بدا للناس لاقتتلوا عليه حتى يترك كل ذي إمارة إمارته وكل ذي سوق سوقه وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة فإذا سمع العالم خاف واسترجع عن ذنوبه وانصرف إلى منزله وليس عليه ذنب فلا تفارقوا مجالس العلماء فإن الله عز وجل لم يخلق على وجه الأرض تربة أكرم من مجالس العلماء وقال رجل للحسن رحمه الله أشكو إليك قساوة قلبي فقال أدنه من مجالس الذكرورأى عمار الزاهدي مسكينة الطفاوية في المنام وكانت من المواظبات على حلق الذكر فقال مرحبا يا مسكينة فقالت هيهات هيهات ذهبت المسكنة وجاء الغنى فقال هيه فقالت ما تسأل عمن أبيح لها الجنة بحذافيراها قال وبم ذلك قالت بمجالسة أهل الذكر وعلى الجملة فما ينحل عن القلب من عقد حب الدنيا بقول واعظ حسن الكلام زكي السيرة أشرف وأنفع من ركعات كثيرة مع اشتمال القلب على حب الدنيا الرابع المحترف الذي يحتاج إلى الكسب لعياله فليس له أن يضيع العيال ويستغرق الأوقات في العبادات بل ورده في وقت الصناعة حضور السوق والاشتغال بالكسب ولكن ينبغي أن لا ينسى ذكر الله تعالى في صناعته بل يواظب على التسبيحات الأذكار وقراءة القرآن فإن ذلك يمكن أن يجمع إلى العمل وإنما لا يتيسر مع العمل الصلاة إلا أن يكون ناظورا فإنه لا يعجز عن إقامة أوراد الصلاة معه ثم مهما فرغ من كفايته ينبغي أن يعود إلى ترتيب الأوراد وإن داوم على الكسب وتصدق بما فضل عن حاجته فهو أفضل من سائر الأوراد التي ذكرناها لأن العبادات المتعدية فائدتها أنفع من اللازمة والصدقة والكسب على هذه النية عبادة له في نفسه تقربه إلى الله تعالى ثم يحصل به فائدة للغير وتتجذب إليه بركات دعوات المسلمين ويتضاعف به الأجر الخامس الوالي مثل الإمام والقاضي والمتولي في أمور المسلمين فقيامه بحاجات المسلمين وأغراضهم على وفق الشرع وقصد الإخلاص أفضل من الأوراد المذكورة فحقه أن يشتغل بحقوق الناس نهارا ويقتصر على المكتوبة ويقيم الأوراد المذكورة بالليل كما كان عمر رضي الله عنه يفعله إذ قال مالي وللنوم فلو نمت بالنهار ضيعت المسلمين ولو نمت بالليل ضيعت نفسي وقد فهمت بما ذكرناه أنه يقدم على العبادات البدنية أمران أحدهما العلم والآخر الرفق بالمسلمين لأن كل واحد من العلم وفعل المعروف عمل في نفسه وعبادة تفضل سائر العبادات يتعدى فائدته وانتشار جدواه فكانا مقدمين عليه السادس الموحد المستغرق بالواحد الصمد الذي أصبح وهمومه هم واحد فلا يحب إلا الله تعالى ولا يخاف إلا منه ولا يتوقع الرزق من غيره ولا ينظر في شيء إلا ويرى الله تعالى فيه فمن ارتفعت رتبته إلى هذه الدرجة لم يفتقر إلى تنويع الأوراد واختلافها بل كان ورده بعد المكتوبات واحد وهو حضور القلب مع الله تعالى في كل حال فلا يخطر بقلوبهم أمر ولا يقرع سمعهم قارع ولا يلوح لأبصارهم لائح إلا كان لهم فيه عبرة وفكر ومزيد فلا محرك لهم ولا مسكن إلا الله تعالى فهؤلاء جميع أحوالهم تصلح أن تكون سببا لازيادهم فلا تتميز عندهم عبادة عن عبادة وهم الذين فروا إلى الله عز وجل كما قال تعالى لعلكم تذكرون ففروا إلى الله وتحقق فيهم قوله تعالى وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته وإليه الإشارة بقوله إني ذاهب إلى ربي سيهدين وهذه منتهى درجات الصديقين ولا وصول إليها إلا بعد ترتيب الأوراد والمواظبة عليها دهرا طويلا فلا ينبغي أن يغتر المريد بما سمعه من ذلك فيدعيه لنفسه ويفتر عن وظائف عبادته فذلك علامته أن لا يهجس في قلبه وسواس ولا يخطر في قلبه معصية ولا ترعجه هواجم الأهوال ولا تستفزه عظائم الأشغال وأنى ترزق هذه الرتبة لكل أحد فيتعين على الكافة ترتيب الأوراد كما ذكرناه وجميع ما ذكرناه طرق إلى الله تعالى قال تعالى قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا فكلهم مهتدون وبعضهم أهدى من بعض وفي الخبر الإيمان ثلاث وثلاثون وثلثمائة طريقة من لقى الله تعالى بالشهادة على طريق منها دخل الجنة حديث الإيمان ثلاث وثلاثون وثلثمائة طريقة من لقي الله بالشهادة على طريق منها دخل الجنة أخرجه ابن شاهين واللالكائي في السنة والطبراني والبيهقي في الشعب من رواية المغيرة بن عبد الرحمن بن عبيد عن أبيه عن جده االإيمان ثلثمائة وثلاثة وثلاثون شريعة من وافى شريعة منهن دخل الجنة وقال الطبراني والبيهقي ثلثمائة وثلاثون وفي إسناده جهالة وقال بعض العلماء الإيمان ثلثمائة وثلاثة عشر خلقابعدد الرسل فكل مؤمن على خلق منها فهو سالك الطريق إلى الله فإذن الناس وإن اختلفت طرقهم في العبادة فكلهم على الصواب أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب وإنما يتفاوتون في درجات القرب لا في أصله وأقربهم إلى الله تعالى أعرفهم به وأعرفهم به لا بد وأن يكون أعبدهم له فمن عرفه لم يعبد غيره والأصل في الأوراد في حق كل صنف من الناس المداومة فإن المراد منه تغيير الصفات الباطنة وآحاد الأعمال يقل آثارها بل لا يحس بآثارها وإنما يترتب الأثر على المجموع فإذا لم يعقب العمل الواحد أثرا محسوسا ولم يردف بثان وثالث على القرب انمحى الأثر الأول وكان كالفقيه يريد أن يكون فقيه النفس فإنه لا يصير فقيه النفس إلا بتكرار كثير فلو بالغ ليلة في التكرار وترك شهرا أو أسبوعا ثم عاد وبالغ ليلة لم يؤثر هذا فيه ولو وزع ذلك القدر على الليالي المتواصلة لأثر فيه ولهذا السر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل حديث أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل متفق عليه من حديث عائشة وسئلت عائشة رضي الله عنها عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان عمله ديمة وكان إذا عمل عملا أثبته حديث سئلت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان عمله ديمه وكان إذا عمل عملا أثبته رواه مسلم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من عوده الله عبادة فتركها ملالة مقته الله حديث من عوده الله عبادة فتركها ملالا مقته الله تقدم في الصلاة وهو موقوف على عائشة وهذا كان السبب في صلاته بعد العصر تداركا لما فاته من ركعتين شغله عنهما الوفد ثم لم يزل بعد ذلك يصليهما بعد العصر ولكن في منزله لا في المسجد كيلا يقتدي به حديث شغله الوفد عن ركعتين فصلاهما بعد العصر ثم لم يزل يصليهما بعد العصر في منزله متفق عليه من حديث أم سلمة أنه صلى بعد العصر ركعتين وقال شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر ولهما من حديث عائشة ما تركهما حتى لقي الله وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته والله الموفق للصواب روته عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما فإن قلت فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهية فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهية من الاحتراز عن التشبه بعبدة الشمس أو السجود وقت ظهور قرن الشيطان أو الاستراحة عن العبادة حذرا من الملال لا يتحقق في حقه فلا يقاس عليه في ذلك غيره ويشهد لذلك فعله في المنزل حتى لا يقتدي به صلى الله عليه وسلم الباب الثاني في الأسباب الميسرة لقيام الليل وفي الليالي التي يستحب إحياؤها وفي فضيلة إحياء الليل وما بين العشاءين وكيفية قسمة الليل فضيلة إحياء ما بين العشاءين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روت عائشة رضي الله عنها إن أفضل الصلوات عند الله صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم فتح بها فقضى صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين بنى الله له قصر في الجنة الباب الثاني في الاسباب الميسرة لقيام الليل حديث عائشة إن أفضل الصلاة عند الله صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا عن مقيم الحديث رواه أبو الوليد يونس بن عبيد الله الصفار في كتاب الصلاة ورواه الطبراني في الأوسط مختصرا وإسناده ضعيف قال الراوي لا أدري من ذهب أو فضة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر له ذنب عشرين سنة أو قال أربعين سنة وروت أم سلمة وأبو هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى ست ركعات بعد المغرب عدلت له عبادة سنة كاملة أو كأنه صلى ليلة القدر حديث أم سلمة عن أبي هريرة من صلى ست ركعات بعد المغرب عدلت له عبادة سنة أو كأنه صلى ليلة القدر أخرجه الترمذي وابن ماجه بلفظ اثنتي عشرة سنة وضعفه الترمذي وأما قوله كأنه صلى ليلة القدر فهو من قول كعب الأحبار كما رواه أبو الوليد الصفار ولأبي منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عباس من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا وضعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى وسنده ضعيف وعن سعيد بن جبير عن ثوبانقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عكف نفسه فيما بين المغرب والعشاء في مسجد جماعة لم يتكلم إلا بصلاة أو قرآن كان حقا على الله أن يبني له قصرين في الجنة مسيرة كل قصر منهما مائة عام ويغرس له بينهما غراسا لو طافه أهل الدنيا لوسعهم حديث سعيد بن جبير عن ثوبان من عكف نفسه ما بين المغرب والعشاء في مسجد جماعة لم يتكلم إلا بصلاة أو قرآن كان حقا على الله أن يبني له قصرين في الجنة لم أجد له أصلا من هذا الوجه وقد تقدم في الصلاة من حديث ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم من ركع عشر ركعات ما بين المغرب والعشاء بنى الله له قصرا في الجنة فقال عمر رضي الله عنه إذا تكثر قصورنا يا رسول الله فقال الله أكثر وأفضل أو قال أطيب حديث من ركع عشر ركعات بين المغرب والعشاء بنى الله له قصرا في الجنة فقال عمر إذا تكثر قصورنا يا رسول الله الحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد من حديث عبد الكريم ابن الحارث مرسلا وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى المغرب في جماعة ثم صلى بعدها ركعتين ولم يتكلم بشيء فيما بين ذلك من أمر الدنيا ويقرأ في الركعة الأولى فاتحة الكتاب وعشر آيات من أول سورة البقرة وآيتين من وسطها وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والأرض إلى آخر الآية وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة ثم يركع ويسجد فإذا قام في الركعة الثانية قرأ فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآيتين بعدها إلى قوله أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وثلاث آيات من آخر سورة البقرة من قوله لله ما في السموات وما في الأرض إلى آخرها وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة حديث أنس من صلى المغرب في جماعة ثم صلى بعدها ركعتين ولا يتكلم بشيء فيما بين ذلك من أمر الدنيا ويقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وعشر آيات من أول البقرة وآيتين من وسطها وإلهكم إله واحد الحديث أخرجه أبو الشيخ في الثواب من رواية زياد بن ميمون عنه مع اختلاف يسير وهو ضعيف وصف من ثوابه في الحديث ما يخرج عن الحصر وقال كرز بن وبرة وهو من الأبدال قلت للخضر عليه السلام علمني شيئا أعمله في كل ليلة فقال إذا صليت المغرب فقم إلى وقت صلاة العشاء مصليا من غير أن تكلم أحدا وأقبل على صلاتك التي أنت فيها وسلم من كل ركعتين واقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاثا فإن فرغت من صلاتك انصرف إلى منزلك ولا تكلم أحدا وصل ركعتين واقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد سبع مرات في كل ركعة ثم اسجد بعد تسليمك واستغفر الله تعالى سبع مرات وقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبع مرات ثم ارفع رأسك من السجود واستو جالسا وارفع يديك وقل يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا إله الأولين والآخرين يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما يا رب يا رب يا رب يا الله يا الله يا الله ثم قم وأنت رافع يديك وأدع بهذا الدعاء ثم نم حيث شئت مستقبل القبلة على يمينك وصل على النبي صلى الله عليه وسلم وأدم الصلاة عليه حتى يذهب بك النوم فقلت له أحب أن تعلمني ممن سمعت هذا فقال إني حضرت محمدا صلى الله عليه وسلم حيث علم هذا الدعاء وأوحى إليه به فكنت عنده وكان ذلك بمحضر مني فتعلمته ممن علمه إياه حديث كرز بن وبرة أن الخضر علمه صلاة بين المغرب والعشاء وفيه أن كرزا سأل الخضر ممن سمعت هذا قال إني حضرت محمدا صلى الله عليه وسلم حين علم هذا الدعاء الحديث وهذا باطل لا أصل له ويقال إن هذا الدعاء وهذه الصلاة من داوم عليهما بحسن يقين وصدق نية رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه قبل أن يخرج من الدنيا وقد فعل ذلك بعض الناس فرأى أنه أدخل الجنة ورأى فيها الأنبياء ورأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه وعلمه وعلى الجملة ما ورد في فضل إحياء ما بين العشاءين كثير حتى قيل لعبيد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة غير المكتوبة قال ما بين المغرب والعشاء حديث عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل له هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاة غير المكتوبة قال ما بين المغرب والعشاء رواه أحمد وفيه رجل لم يسم وقال صلى الله عليه وسلم من صلى ما بين المغرب والعشاء تلكصلاة الأوابين حديث من صلى ما بين المغرب والعشاء فذلك صلاة الأوابين تقدم في الصلاة وقال الأسود ما أتيت ابن مسعود رضي الله عنه في هذا الوقت إلا ورأيته يصلي فسألته فقال نعم هي ساعة الغفلة وكان أنس رضي الله عنه يواظب عليها ويقول هي ناشئة الليل ويقول فيها نزل قوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع وقال أحمد بن أبي الحواري قلت لأبي سليمان الداراني أصوم النهار وأتعشى بين المغرب والعشاء أحب إليك أو أفطر بالنهار وأحيي ما بينهما فقال اجمع بينهما فقلت إن لم يتيسر قال أفطر وصل ما بينهما فضيلة قيام الليل أما من الايات فقوله تعالى إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل الاية وقوله تعالى إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا وقوله سبحانه وتعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع وقوله تعالى أمن هو قانت آناء الليل الآية وقوله عز وجل والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما وقوله تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة قيل هي قيام الليل يستعان بالصبر عليه على مجاهدة النفس ومن الأخبار قوله صلى الله عليه وسلم يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ وذكر الله تعالى انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان حديث يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وفي الخبر أنه ذكر عنده رجل ينام كل الليل حتى يصبح فقال ذاك رجل بال الشيطان في ادنه حديث ذكر عنده رجل نام حتى أصبح ذاك رجل بال الشيطان في أذنه متفق عليه من حديث ابن مسعود وفي الخبر إن للشيطان سعوطا ولعوقا وذرورا فإذا أسعط العبد ساء خلقه وإذا ألعقه ذرب لسانه بالشر وإذا ذره نام الليل حتى يصبح حديث إن للشيطان سعوطا ولعوقا وذرورا الحديث أخرجه الطبراني من حديث أنس إن للشيطان لعوقا وكحلا فإذا لعق الإنسان من لعوقه ذرب لسانه بالشر وإذا كحله من كحله نامت عيناه عن الذكر ورواه البزار من حديث سمرة بن جندب وسندهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم حديث ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل خير له من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتهما عليهم أخرجه آدم بن أبي إياس في الثواب ومحمد بن نصر المروزي في كتاب قيام الليل من رواية حسان بن عطية مرسلا ووصله أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر ولا يصح وفي الصحيح عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خيرا إلا أعطاه إياه وفي رواية يسأل الله تعالى خيرا من الدنيا والآخرة وذلك في كل ليلة وقال المغيرة بن شعبة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه فقيل له أما قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أفلا أكون عبدا شكورا حديث المغيرة بن شعبة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه الحديث متفق عليه ويظهر من معناه أن ذلك كناية عن زيادة الرتبة فإن الشكر سبب المزيد قال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة أتريد أن تكون رحمة الله عليك حيا وميتا ومقبورا ومبعوثا قم من الليل فصل وأنت تريد رضا ربك يا أبا هريرة صل في زوايا بيتك يكن نور بيتك في السماء كنور الكواكب والنجم عند أهل الدنيا حديث يا أبا هريرة أتريد أن تكون رحمة الله عليك حيا وميتا ومقبورا قم من الليل فصل وأنت تريد رضا ربك يا أبا هريرة صل في زوايا بيتك يكن نور بيتك في السماء كنور الكواكب والنجوم عند أهل الدنيا باطل لا أصل له وقال صلى الله عليه وسلم عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم فإن قيام الليل قربة إلى الله عز وجل وتكفير للذنوبومطردة للداء عن الجسد ومنهاة عن الإثم حديث عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم الحديث أخرجه الترمذي من حديث بلال وقال غريب ولا يصح ورواه الطبراني والبيهقي من حديث أبي أمامة بسند حسن وقال الترمذي إنه أصح وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه حديث ما من امرىء يكون له صلاة بالليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عائشة وفيه رجل لم يسم سماه النسائي في رواية الأسود بن يزيد لكن في طريقه ابن جعفر الرازي قال النسائي ليس بالقوي ورواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء نحوه بسند صحيح وتقدم في الباب قبله وقال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لو أردت سفرا أعددت له عدة قال نعم قال فكيف سفر طريق القيامة ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم قال بلى بأبي أنت وأمي قال صم يوما شديد الحر ليوم النشور وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور وحج حجة لعظائم الأمور وتصدق بصدقة على مسكين أو كلمة حق تقولها أو كلمة شر تسكت عنها حديث إنه قال لأبي ذر لو أردت سفرا أعددت له عدة فكيف بسفر طريق القيامة ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم قال بلى بأبي وأمي قال صم يوما شديد الحر ليوم النشور وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد من رواية السري بن مخلد مرسلا والسري ضعفه الأزدي وروى أنه كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم رجل إذا أخذ الناس مضاجعهم وهدأت العيون قام يصلي ويقرأ القرآن ويقول يا رب النار أجرني منها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا كان ذلك فآذنونى فأتاه فاستمع فلما أصبح قال يا فلان هلا سألت الله الجنة قال يا رسول الله إني لست هناك ولا يبلغ عملي ذاك فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزل جبرائيل عليه السلام وقال أخبر فلانا أن الله قد أجاره من النار وأدخله الجنة حديث أنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل إذا أخذ الناس مضاجعهم وهدأت العيون قام يصلي ويقرأ القرآن ويقول يا رب النار أجرني منها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا كان ذلك فآذنوني الحديثلم أقف له على أصل ويروى أن جبرائيل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم نعم الرجل ابن عمر لو كان يصلي بالليل فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فكان يداوم بعده على قيام الليل حديث أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم نعم الرجل ابن عمر لو كان يصلي بالليل الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وليس فيه ذكر لجبريل قال نافع كان يصلي بالليل ثم يقول يا نافع أسحرنا فأقول لا فيقوم لصلاته ثم يقول يا نافع أسحرنا فأقول نعم فيقعد فيستغفر الله تعالى حتى يطلع الفجر وقال علي بن أبي طالب شبع يحيى بن زكريا عليهما السلام من خبز شعير فنام عن ورده حتى أصبح فأوحى الله تعالى إليه يا يحيى أوجدت دارا خيرا لك من داري أم وجدت جوارا خيرا لك من جواري فوعزتي وجلالي يا يحيى لو اطلعت إلى الفردوس اطلاعة لذاب شحمك ولزهقت نفسك اشتياقا ولو اطلعت إلى جهنم اطلاعة لذاب شحمك ولبكيت الصديد بعد الدموع ولبست الجلد بعد المسوح وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال سينهاه ما يعمل حديث قيل له إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق قال سينهاه ما يعمل أخرجه ابن حبان من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء حديث رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرأته فصلت الحديث أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ثم أيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء وقال صلى الله عليه وسلم من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حديث من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات أخرجه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة وأبي سعيد بسند صحيح وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل حديث أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقالعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم من نام عن حزبه أو عن شيء منه بالليل فقرأه بين صلاة الفجر والظهر كتب له كأنما قرأه من الليل حديث عمر من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه بين صلاة والفجر والظهر كتب له كأنه قرأه من الليل رواه مسلم الآثار روى أن عمر رضي الله عنه كان يمر بالآية من ورده بالليل فيسقط حتى يعاد منها أياما كثيرة كما يعاد المريض وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا هدأت العيون قام فيسمع له دوي كدوي النحل حتى يصبح ويقال إن سفيان الثوري رحمه الله شبع ليلة فقال إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله فقام تلك الليلة حتى أصبح وكان طاوس رحمه الله إذا اضطجع على فراشه يتقلى عليه كما تتقلى الحبة على المقلاة ثم يثب ويصلي إلى الصباح ثم يقول طير ذكر جهنم نوم العابدين وقال الحسن رحمه الله ما نعلم عملا أشد من مكابدة الليل ونفقة هذا المال فقيل له ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوها قال لأنهم خلوا بالرحمن بالرحمن فألبسهم نورا من نوره وقدم بعض الصالحين من سفره فمهد له فراش فنام عليه حتى فاته ورده فحلف أن لا ينام بعدها على فراش أبدا وكان عبد العزيز بن رواد إذا جن عليه الليل يأتي فراشه فيمو يده عليه ويقول إنك للين ووالله إن في الجنة لألين منك ولا يزال يصلي الليل كله وقال الفضيل إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأصبح وما قضيت نهمتي وقال الحسن إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل وقال الفضيل إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم وقد كثرت خطيئتك وكان صلة بن أشيم رحمه الله يصلي الليل كله فإذا كان في السحر قال إلهي ليس مثلي يطلب الجنة ولكن أجرني برحمتك من النار وقال رجل لبعض الحكماء إني لأضعف عن قيام الليل فقال له يا أخي لا تعص الله تعالى ولا تقم بالليل وكان للحسن بن صالح جارية فباعها من قوم فلما كان في جوف الليل قامت الجارية فقالت يا أهل الدار الصلاة الصلاة فقالوا أصبحنا أطلع الفجر فقالت وما تصلون إلا المكتوبة قالوا نعم فرجعت إلى الحسن فقالت يا مولاي بعتني من قوم لا يصلون إلا المكتوبة ردني فردها وقال الربيع بت في منزل الشافعي رضي الله عنه ليالي كثيرة فلم يكن ينام من الليل إلا يسيرا وقال أبو الجويرية لقد صحبت أبا حنيفة رضي الله عنه ستة أشهر فما فيها ليلة وضع جنبه على الأرض وكان أبو حنيفة يحيي نصف الليل فمر بقوم فقالوا إن هذا يحيى الليل كله فقال إني أستحي أن أوصف بما لا أفعل فكان بعد ذلك يحيى الليل كله ويروى أنه ما كان له فراش بالليل ويقال إن مالك بن دينار رضي الله عنه بات يردد هذه الآية ليلة حتى أصبح أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات الآية وقال المغيرة بن حبيب رمقت مالك بن دينار فتوضأ بعد العشاء ثم قام إلى مصلاه فقبض على لحيته فخنقته العبرة فجعل يقول حرم شيبة مالك على النار إلهي قد علمت ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين مالك وأي الدارين دار مالك فلم يزل ذلك قوله حتى طلع الفجر وقال مالك بن دينار شهوت ليلة عن وردي ونمت فإذا أنا في المنام بجارية كأحسن ما يكون وفي يدها رقعة فقالت لي أتحسن تقرأ فقلت نعم فدفعت إلى الرقعة فإذا فيها أألهتك اللذائذ والأماني عن البيض الأوانس في الجنان تعيش مخلدا لا موت فيها وتلهو في الجنان مع الحسان تنبه من منامك إن خيرا من النوم التهجد بالقرآن وقيل حج مسروق فما بات ليلة إلا ساجدا ويروى عن أزهر بن مغيث وكان من القوامين أنه قال رأيت فيالمنام امرأة لا تشبه نساء أهل الدنيا فقلت لها من أنت قالت حوراء فقلت زوجيني نفسك فقالت اخطبني إلى سيدي وأمهرني فقلت وما مهرك قالت طول التهجد وقال يوسف بن مهران بلغني أن تحت العرش ملكا في صورة ديك براثنه من لؤلؤ وصئصئة من زبرجد أخضر فإذا مضى ثلث الليل الأول ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم القائمون فإذا مضى نصف الليل ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم المتهجدون فإذا مضى ثلثا الليل ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم المصلون فإذا طلع الفجر ضرب بجناحيه وزقا وقال ليقم الغافلون وعليهم أوزارهم وقبل إن وهب بن منبه اليماني ما وضع جنبه إلى الأرض ثلاثين سنة وكان يقول لأن أرى في بيتي شيطانا أحب إلي من أن أرى في بيتي وسادة لأنها تدعو إلى النوم وكانت له مسورة من أدم إذا غلبه النوم وضع صدره عليها وخفق خفقات ثم يفزع إلى الصلاة وقال بعضهم رأيت رب العزة في النوم فسمعته يقول وعزتي وجلالي لأكرمن مثوى سليمان التيمي فإنه صلى لي الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة ويقال كان مذهبه أن النوم إذا خامر القلب بطل الوضوء وروى في بعض الكتب القديمة عن الله تعالى أنه قال إن عبدي الذي هو عبدي حقا الذي لا ينتظر بقيامه صياح الديكة بيان الأسباب التي بها يتيسر قيام الليل اعلم أن قيام الليل عسير على الخلق إلا على من وفق للقيام بشروطه الميسرة له ظاهرا وباطنا فأما الظاهرة فأربعة أمور الأول أن لا يكثر الأكل فيكثر الشرب فيغلبه النوم ويثقل عليه القيام كان بعض الشيوخ يقف على المائدة كل ليلة ويقول معاشر المريدين لا تأكلوا كثيرا فتشربوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتتحسروا عند الموت كثيرا وهذا هو الأصل الكبير وهو تخفيف المعدة عن ثقل الطعام الثاني أن لا يتعب نفسه بالنهار في الاعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب فإن ذلك ايضا مجلبة للنوم الثالث أن لا يترك القيلولة بالنهار فإنها سنة للاستعانة على قيام الليل حديث الاستعانة بقيلولة النهار على قيام الليل أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس وقد تقدم الرابع أن لا يحتقب الأوزار بالنهار فإن ذلك مما يقسى القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمة قال رجل للحسن يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم فقال ذنوبك قيدتك وكان الحسن رحمه الله إذا دخل السوق فسمع لغطهم ولغوهم يقول أظن أن ليل هؤلاء ليل سوء فإنهم لا يقيلون وقال الثورى حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته قيل وما ذاك الذنب قال رأيت رجلا يبكي فقلت في نفسي هذا مراء وقال بعضهم دخلت على كرز بن وبرة وهو يبكي فقلت أتاك نعي بعض أهلك فقال أشد فقلت وجع يؤلمك قال أشد قلت فما ذاك قال بابي مغلق وستري مسبل ولم أقرأ حزبي البارحة وما ذاك إلا بذنب أحدثته وهذا لأن الخير يدعو إلى الخير والشر يدعو إلى الشر والقليل من كل واحد منهما يجر إلى الكثير ولذلك قال أبو سليمان الداراني لا تفوت أحدا صلاة الجماعة إلا بذنب وكان يقول الاحتلام بالليل عقوبة والجنابة بعد وقال بعض العلماء إذا صمت يا مسكين فانظر عند من تفطر وعلى أي شيء تفطر فإن العبد ليأكل أكلة فينقلب قلبه عما كان عليه ولا يعود إلى حالته الأولى فالذنوب كلها تورث قساوة القلب وتمنع من قيام الليل وأخصها بالتأثير تناول الحرام وتؤثر اللقمة الحلال في تصفية القلب وتحريكه إلى الخير ما لا يؤثر غيرها ويعرف ذلك أهل المراقبة للقلوب بالتجربة بعد شهادة الشرع له ولذلك قال بعضهم كم من أكلة منعت قيام ليلة وكم من نظرة منعت قراءة سورة وإن العبد ليأكل أكلة أو يفعل فعلة فيحرم بها قيام سنة وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات وقال بعض السجانينكنت سجانا نيفا وثلاثين سنة أسأل كل مأخوذ بالليل أنه هل صلى العشاء في جماعة فكانوا يقولون لا وهذا تنبيه على أن بركة الجماعة تنهى عن تعاطي الفحشاء والمنكر وأما الميسرات الباطنة فأربعة أمور الأول سلامة القلب عن الحقد على المسلمين وعن البدع وعن فضول هموم الدنيا فالمستغرق الهم بتدبير الدنيا لا يتيسر له القيام وإن قام فلا يتفكر في صلاته إلا في مهماته ولا يجول إلا في وساوسه وفي مثل ذلك يقال يخبرني البواب أنك نائم وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم الثاني خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل فإنه إذا تفكر في أهوال الآخرة ودركات جهنم طار نومه وعظم حذره كما قال طاوس إن ذكر جهنم طير نوم العابدين وكما حكى أن غلاما بالبصرة اسمه صهيب كان يقوم الليل كله فقالت له سيدته إن قيامك بالليل يضر بعملك بالنهار فقال إن صهيبا إذا ذكر النار لا يأتيه النوم وقيل لغلام آخر وهو يقوم كل الليل فقال إذا ذكرت النار اشتد خوفي وإذا ذكرت الجنة اشتد شوقي فلا أقدر أن أنام وقال ذو النون المصري رحمه الله منع القرآن بوعده ووعيده مقل العيون بليلها أن تهجعا فهموا عن الملك الجليل كلامه فرقابهم ذلت إليه تخضعا وأنشدوا أيضا يا طويل الرقاد والغفلات كثرة النوم تورث الحسرات إن في القبر إن نزلت إليه لرقادا يطول بعد الممات ومهادا ممهدا لك فيه بذنوب عملت أو حسنات أأمنت البيات من ملك المو ت وكم نال آمنا ببيات وقال ابن المبارك إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع الثالث أن يعرف فضل قيام الليل بسماع الآيات والأخبار والآثار حتى يستحكم به رجاؤه وشوقه إلى ثوابه فيهيجه الشوق لطلب المزيد والرغبة في درجات الجنان كما حكى أن بعض الصالحين رجع من غزوته فمهدت امرأته فراشها وجلست تنتظره فدخل المسجد ولم يزل يصلي حتى أصبح فقالت له زوجته كنا ننتظرك مدة فلما قدمت صليت إلى الصبح قال والله إني كنت أتفكر في حوراء من حور الجنة طول الليل فنسيت الزوجة والمنزل فقمت طول ليلتي شوقا إليها الرابع وهو أشرف البواعث الحب لله وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه وهو مطلع عليه مع مشاهدة ما يخطر بقلبه وأن تلك الخطرات من الله تعالى خطاب معه فإذا أحب الله تعالى أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بالمناجاة فتحمله لذة المناجاة بالحبيب على طول القيام ولا ينبغي أن يستبعد هذه اللذة إذ يشهد لها العقل والنقل فأما العقل فليعتبر حال المحب لشخص بسبب جماله أو لملك بسبب إنعامه وأمواله أنه كيف يتلذذ به في الخلوة ومناجاته حتى لا يأتيه النوم طول ليله فإن قلت إن الجميل يتلذذ بالنظر إليه وإن الله تعالى لا يرى فاعلمأنه لو كان الجميل المحبوب وراء ستر أو كان في بيت مظلم لكان المحب يتلذذ بمجاورته المجردة دون النظر ودون الطمع في أمر آخر سواه وكان يتنعم بإظهار حبه عليه وذكره بلسانه بمسمع منه وإن كان ذلك أيضا معلوما عنده فإن قلت إنه ينتظر جوابه فليتلذذ بسماع جوابه وليس يسمع كلام الله تعالى فاعلم أنه إن كان يعلم أنه لا يجيبه ويسكت عنه فقد بقيت له أيضا لذة في عرض أحواله عليه ورفع سريرته إليه كيف والموقن يسمع من الله تعالى كل ما يرد على خاطره في أثناء مناجاته فيتلذذ به وكذا الذي يخلو بالملك ويعرض عليه حاجاته في جنح الليل يتلذذ به في رجاء إنعامه والرجاء في حق الله تعالى أصدق وما عند الله خير وأبقى وأنفع مما عند غيره فكيف لا يتلذذ بعرض الحاجات عليه في الخلوات وأما النقل فيشهد له أحوال قوام الليل في تلذذهم بقيام الليل واستقصارهم له كما يستقصر المحب ليلة وصال الحبيب حتى قيل لبعضهم كيف أنت والليل قال ما راعيته قط يريني وجهه ثم ينصرف وما تأملته بعد وقال آخر أنا والليل فرسا رهان مرة يسبقني إلى الفجر ومرة يقطعني عن الفكر وقيل لبعضهم كيف الليل عليك فقال ساعة أنا فيها بين حالتين أفرح بظلمته إذا جاء وأغتم بفجره إذا طلع ما تم فرحى به قط وقال علي بن بكار منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء سوى طلوع الفجر وقال الفضيل بن عياض إذا غربت الشمس فرحت بالظلام لخلوتي بربي وإذا طلعت حزنت لدخول الناس علي وقال أبو سليمان أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا وقال أيضا لو عوض الله أهل الليل من ثواب أعمالهم ما يجدونه من اللذة لكان ذلك أكثر من ثواب أعمالهم وقال بعض العلماء ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة وقال بعضهم لذة المناجاة ليست من الدنيا إنما هي من الجنة أظهرها الله تعالى لأوليائه لا يجدها سواهم وقال ابن المنكدر ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث قيام الليل ولقاء الإخوان والصلاة في الجماعة وقال بعض العارفين إن الله تعالى ينظر بالأسحار إلى قلوب المتيقظين فيملؤها أنوارا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر من قلوبهم العوافى إلى قلوب الغافلين وقال بعض العلماء من القدماء إن الله تعالى أوحى إلى بعض الصديقين إن لي عبادا من عبادى أحبهم ويحبونني ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ويذكرونني وأذكرهم وينظرون إلي وأنظر إليهم فإن حذوت طريقهم أحببتك وإن عدلت عنهم مقتك قال يا رب وما علامتهم قال يراعون الظلال بالنهار كما يراعى الراعي غنمه ويحنون إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها فإذا جنهم الليل واختلط الظلام وخلا كل حبيب بحبيبه نصبوا إلى أقدامهم وافترشوا إلى وجوههم وناجوني بكلامي وتملقوا إلي بإنعامي فبين صارخ وباكي وبين متأوه وشاكي بعيني ما يتحملون من أجلي وبسمعي ما يشتكون من حبي أول ما أعطيهم أقذف من نوري في قلوبهم فيخبرون عني كما أخبر عنهم والثانية لو كانت السموات السبع والأرضون السبع وما فيهما من موازينهم لاستقللتها لهم والثالثة أقبل بوجهي عليهم أفترى من أقبلت بوجهي عليه أيعلم أحد ما أريد أن أعطيه وقال مالك بن دينار رحمه الله إذا قام العبد يتهجد من الليل قرب منه الجبار عز وجل وكانوا يرون ما يجدون من الرقة والحلاوة في قلوبهم والأنوار من قرب الرب تعالى من القلب وهذا له سر وتحقيق ستأتي الإشارة إليه في كتاب المحبة وفي الأخبار عن الله عز وجل أي عبدي أنا الله الذي اقتربت من قلبك وبالغيب رأيت نوري وشكا بعض المريدين إلى أستاذه طول سهر الليل وطلب حيلة يجلب بها النوم فقال أستاذه يا بني إن لله نفحات في الليل والنهار تصيب القلوب المتيقظة تحظىء القلوب النائمة فتعرض لتلك النفحات فقال يا سيدي تركتني لا أنام بالليل ولا بالنهارواعلم أن هذه النفحات بالليل أرجى لما في قيام الليل من صفاء